وماذا بعد قرض صندوق النقد !

14/11/2016 10
حجاج حسن

استطاعت القاهرة بعد طول انتظار الحصول على موافقة صندوق النقد الدولي بمنحها قرض (الإنقاذ) البالغ (12 مليار دولار) بعدما قام المركزي المصري بتوفير تمويلات اجنبية بـ 6 مليارات دولار، واتخذت الحكومة مجموعة من الاجراءات الجريئة و (المؤلمة) لقطاع كبير وكبير جداً من المواطنين، كتحرير سعر الصرف وخفض دعم الطاقة ورفع الضرائب والذي تمثل في فرض ضريبة القيمة المضافة، والتي كان قد تطلبها الصندوق للموافقة على القرض.

هذه الاجراءات والتدابير وما قد يتبعها من اجراءات جديدة قد تكون أكثر ألماً، تفرض تساؤلاً هاماً حول مدى قدرة الحكومة المصرية في استغلال تلك الفرصة لإعادة الاستقرار للاقتصاد المصري المترنح واخراجه من عنق الزجاجة ؟!

بدايةً، موافقة الصندوق الذي يضم 189 دولة هم اعضاؤه، تعد بمثابة اعترافاً ضمنياً أمام المجتمع الدولي في قدرة الاقتصاد المصري التعافي من جديد، وهو الامر الذي تحتاج الحكومة المصرية تسويقه بشكل جيد لجذب الاستثمارات الاجنبيه المباشرة وغير المباشرة، والمتنافرة منذ اندلاع ثورة يناير 2011، في ظل عدم الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي للبلاد.

فلا سيما أن عودة الاستثمارات الأجنبية في البلاد سيدفع وبلا ادنى شك عجلة الاقتصاد إلى الأمام وستعمل ايضاً على توفير الكثير من فرص العمل، لكن كل هذا يحتاج إلى سياسات واضحة ومراقبة فعالة من اجل تحسين مناخ الاستثمار، كالقضاء على البيروقراطية التي طالما بقيت عائقاً أمام اي استثمار سواء محلياً كان او خارجياً ( واتخذ المجلس الاعلى للاستثمار 17 قراراً لجذب وتهيئة مناخ الاستثمار)، نأمل ان يتم ترجمتها على أرض الواقع.. فهل ياترى ستنجح ؟

وفيما يلي توضيح تطور لصافي التدفقات النقدية الوافدة لمصر، كما وضحها البنك الدولي :


التحدي الثاني، وهو العملة الاجنبية وما ادراك ما العملة الاجنبية التي اصبحت سلعة يتداولها ويضارب عليها قطاع كبير في ظل غياب الرقابة، في الوقت الذي تقلصت فيه موارد الدولار كقناة السويس والسياحة التي تراجعت بشكل كبير منذ احتجاجات يناير 2011، و تحويلات المصريين التي اتجه معظمها للسوق السوداء .. 

ومصر تستورد بأكثر 75 مليار دولار، في حين انها تصدر بحوالي 20 مليار دولار فقط.. وفي ظل تقلص موارد الدولار الاخرى سيظل العجز موجوداً والازمة ستزداد تفاقماً، ما لم تقم الحكومة بتنمية حقيقة لموارد العملة الصعبة .. فهل ياترى ستنجح ؟

وفيما يلي تطور حجم الصادرات والواردات:

والتعويضات الاخيرة التي استعادها الجنيه من خسائره (وليس زيادة مكاسبه كما يطلق عليها أخرون ) امام الدولار فور الموافقة على القرض، يجب ألا ننخدع فيها (وصل  إلى 15 بعد ان تجاوز الـ 18 جنيهاً بالبنوك الرسمية) لان ذلك رد فعل مؤقت ليس إلا، ولن تستمر ما لم يتم تنفيذ خطط واضحة على ارض الواقع لاستعادة الثقة في الاقتصاد المصري، وإلا كانت قد انقذته مليارات الخليج  (من 2011 وحتى 2016 حصلت القاهرة على منح من السعودية = 8 / الامارات = 6 / الكويت =5 / قطر = 8 / ليبيا = 2 )..

تحديات كبيرة وكبيرة جداً يواجهها طرفي اللعبة (الحكومة والشعب)، الاولى باتخاذها اجراءات جريئة وقدرتها في تنفيذها ورقابتها بشكل يضمن نجاحها بما يخدم الوطن والمواطن، والثاني شعب قد يعاني ويعاني  كثيراً منتظراً نهاية لمسلسل يأمل ان تكون نهايته قد اقتربت...

فمصر تمتلك بإمكاناتها الهائلة، من حيث الايدي العاملة، وحجم سوقها الكبير، وموقعها الجغرافي المميز، واكتشافاتها الجديدة، وكونها احد اهم الوجهات السياحية،  ليس بعيداً عليها ان تعود كواحدة من اهم و اقوى الاقتصاديات بالمنطقة، فقط اذا قام عليها رجالٌ مخلصون اكفاء يقدرون هذا الوطن ..

حفظ الله مصر ..

خاص_الفابيتا