الكوميديا السوداء في إقتصاد الحرباء

02/03/2016 0
راكان الفريدي

أثبتت أغلب الإقتصاديات النامية خلال العشرة أعوام الأخيرة مدى هشاشتها القائمة في الأساس على المساعدات والمنح المتواصلة، وأكدت هذه الإقتصاديات المترنحة مدى هشاشة ولائها أيضاً وأن لا ولاء لها حتى لمن يدفع أكثر وبسرعة أكبر دون شرط أو قيد.

وباتت هذه المستنقعات الإقتصادية ترعب كافة الدول المتقدمة من خطر الإنزلاق في وحل تضغط به على ميزانياتها في وقت يعاني به العالم من تقلبات جيوسياسية حادة، وتذبذب في أسعار السلع الأساسية، الأمر الذي بدأ يأسس لتحالفات جديدة وإنهاء أخرى قديمة كانت تعتبر راسخة نوعاً ما، كذلك بدأت تظهر أساليب المساومة المقيتة لقلب موازين القرار في العالم، كل هذه الإشارات ربما تفتح الباب أمام الإقتصاديات المناحة والراغبة في المساعدة لمراجعة حساباتها بجدية أكبر.

ومن المعروف جيداً مدى الإرتباط الوثيق بين السياسة والإقتصاد وتأثيرهما على صنع القرار قبل الوصول إلى غياهب الطائفية المستحدثة التي تلوح بإستغلالها بعض الإقتصاديات النامية، للضغط في الحصول على المزيد من المساعدات التي يخشى تقليصها أو إلغائها، ولكن الغريب في هذه الأمر ويعتبر خطير أيضاً هو كيفية تعامل هذه الإقتصاديات المتهالكة في طلب المساعدة بطريقة قريبة من لغة التهديد عندما أشعرتها الإقتصاديات الكبيرة بحجم أهميتها الزائفة كنوع من التحفيز وهو خطأ تتحمل فيه الدول المانحة النسبة الأكبر منه، كونها مهدت لولادة كوميديا سوداء تتبادل أدوارها تلك الإقتصاديات النامية التي تستغل أي حدث في العالم لتحقق من خلاله أكبر قدر ممكن من الفائدة ولو كانت مؤقتة تماماً كما تتلون الحرباء لتصطاد فرائسها، وقد كان التاريخ أكبر شاهد على خيانات مارستها تلك الإقتصاديات بعد أن جمعت مليارات من دول ساعدتها على مدى عقود لتفاجأ العالم بوقوفها في الصف المقابل وإعلان الولاء المطلق.

ومن الأزمات يتعلم العقلاء وينكشف في وقت الضيق الصديق الحقيقي الذي لم يسعى لإستغلال ظرف تمر به البشرية بل هو يتشارك الرؤية مع من يتطلع لعالم يعمه السلم والأمان ويزدهر به الرخاء والتنمية المستدامة، هنا الضرورة ملحة للمبادرة في تحديث قائمة الأصدقاء لتلك الإقتصاديات لغرض التأكد من مدى تفاعلها مع منهج البشرية السليم في العيش في عالم مستقر.