يكثر الحديث في السنوات الأخيرة عن حوكمة الشركات وأهميتها في وسائل الإعلام. كما يوجد الكثير من اللبس عند البعض في فهم هذا المصطلح؛ نظراً لحداثته ولعدم وجود تعريف متفق عليه.
لعل من أبرز التعاريف وأقصرها: تعريف لجنة كادبوري الإنجليزية الشهيرة في عام 1992م بأن حوكمة الشركات هي "النظام الذي بموجبه تتم قيادة الشركة وتوجيهها".
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في مبادئها لحوكمة الشركات رأت أن الحوكمة تتضمن "مجموعة من العلاقات بين الإدارة التنفيذية للشركة، ومجلس إدارتها، والمساهمين فيها، وغيرهم من الأطراف المعنية وصاحبة المصلحة بصور مختلفة فيها.
كذلك يقدم أسلوب حوكمة الشركات الهيكل الذي تحدد من خلاله أهداف الشركة، ووسائل تحقق تلك الأهداف، ومتابعة الأداء".
لذا فإن حوكمة الشركات هي نظام يهدف إلى تحسين أساليب ممارسة سلطات الإدارة فى الشركات، أو بمعنى آخر هي نظام يهدف إلى تحسين آلية اتخاذ القرار في الشركة من أجل تحقيق أهداف الشركة.
فيقوم هذا النظام بتحديد نوعية القرارات التي يحق لكل جهة اتخاذها، وكيف يتم اختيار أعضاء هذه الجهة، وما هي المعايير التي تحكم آلية اتخاذ هذه القرارات.
ساهمت العديد من النظريات في تطور الحوكمة، ولعل من أبرز هذه النظريات نظرية الوكالة. نظرية الوكالة ترى أنه في الشركات المُدرجة يملك المساهمون الشركة، لكن ليس لهم علاقة مباشرة في إدارتها، فإدارة الشركة تكون بيد مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية الذين يعتبرون بمثابة الوكلاء عن المساهمين.
هذا الفصل بين الملكية والإدارة أظهر لنا مشكلة في أن مصالح الوكيل قد لا تتفق دائماً مع مصالح موكليه، فظهرت لنا حوكمة الشركات كأحد الوسائل التي تعمل على تقليل أثر هذا التباين في المصالح، وذلك لتحسين آلية اتخاذ القرار، وتقديم الحوافز، وزيادة مستوى المساءلة، وتنظيم العلاقات المختلفة داخل الشركة.
الجدير بالذكر أن من ممارسات الحوكمة ما لم يتم الاستقرار عليه بشكل قاطع. فعلى سبيل المثال لا يوجد اثبات على أن نظام المجلس الواحد أفضل من نظام المجلسين، والعكس صحيح، فلا يوجد اثبات أيضاً أن نظام المجلسين أفضل من نظام المجلس الواحد.
كما لا يوجد اثبات متفق عليه بأن الفصل بين الرئيس التنفيذي للشركة ورئيس مجلس الإدارة أفضل من الجمع بينهما من ناحية تحسين أداء الشركة، ولا يوجد اثبات بأن التركيز على استقلالية الأعضاء غير التنفيذيين سيقوم على تحسين آلية اتخاذ القرار، خصوصاً أن الاستقلالية تتعارض في بعض الأحيان مع الكفاءة وذلك عندما تزيد خبرة العضو المستقل عن عدد معين من السنوات؛ لأنه لا يعتبر مستقلاً حينها.
ولهذه الأسباب فإن كثيراً من ممارسات الحوكمة تقوم على مبادئ عامة بدلاً من التركيز على قواعد تفصيلية.
بحيث يكون تطبيق هذه المبادئ والقواعد على أساس الالتزام بها أو شرح سبب عدم الالتزام.
كما أن الالتزام يجب أن يبتعد عن التطبيق الحرفي الذي لن يغير الوضع للأفضل، ولن يحقق الأهداف التي من أجلها وضع نظام حوكمة الشركات.
تم الاطلاع ومشكورين