نعلم جميعاً أن المادة الخامسة فرضت على هيئة السوق المالية واجب القيام بتطوير السوق المالية، هذا التطوير يشمل تطوير الموارد البشرية، والأنظمة والتشريعات التي تحكم عمل السوق، وأساليب التعامل في السوق، وطرق فض المنازعات، وغير ذلك مما يحتاجه تطوير السوق.
ومن هذا المنطلق قامت هيئة السوق المالية بتبني خطة استراتيجية شاملة للفترة من 2015م إلى 2019م. هذا المقال القصير لا يهدف لرسم خطة كاملة لتطوير السوق؛ بل إنه سيركز على جانب من هذه الجوانب، وهو جانب تطوير الأنظمة والتشريعات والالتزام بها على أرض الواقع.
هيئة السوق المالية قامت بسن العديد من الأنظمة التي تهدف لتطوير السوق المالية وتحسين التعامل فيها وحفظ حقوق المتعاملين، لكن يلاحظ كثرة المخالفات التي تقع من الشركات، مما يُوجب على الهيئة فرض الغرامات.
إلا أن مخالفات الشركات لا تخلو إما أن تكون بسبب جهل بعض الشركات بما يجب عليهم فعله مما تفرضه أنظمة الهيئة. أو بسبب عدم رغبتهم بالالتزام؛ لأن تكلفة الالتزام أعلى من قيمة الغرامة.
وهذا يُظهر لنا مشكلة أخرى، وهي هل ستردع الغرامة الشركة من العودة للمخالفة؟
يظهر أن دفع عشرة آلاف ريال أقل كلفة على الشركة من الالتزام بلائحة الحوكمة أو غيرها من اللوائح والقواعد المنظمة لعمل السوق، لذا فإن مبلغ الغرامة التي تحدده المادة 59 بـ 10.000 ريال كحد أدنى و 100.000 ريال كحد أعلى غير رادع! أضف إلى ذلك أنه يُدفع من خزينة الشركة، لا من مال المتسببين. مما يُوجب إعادة النظر في قيمة المخالفة وآلية دفعها.
آلية التطوير المقترحة هي أن تقوم الهيئة بتوظيف عدد كبير من الشباب وتدريبهم داخلياً وخاريجياً، بأن يتم ابتعاثهم للدول التي لديها أسواق مالية متقدمة، ثم تقوم الهيئة بالاستفادة من هؤلاء الشباب في تطوير الأنظمة والعمل لديها وتدريبهم التدريب العملي.
كما أن عددهم يجب أن يكون أكبر من حاجة الهيئة بكثير، لكي تسمح لهم الهيئة بعد ذلك بالاستقالة والعمل في القطاع الخاص، وبهذه الطريقة تكون الهيئة قد ساهمت في تحقيق بعض ما ورد في خطتها الاستراتيجية بأن طورت الأنظمة، ووفرت فرص عمل للشباب، وطورت أداء السوق المالي، وأداء الشركات العاملة فيها بتوفير المتخصصين الذين يستطيعون مساعدة الشركات في الإرتقاء بأدائها ومستوى إلتزامها.