عضو مجلس الإدارة كممثل للمساهمين هو أمين لا ضامن. ويقول الفقهاء بأن يد الأمين لا تضمن ما لم يتعد أو يفرط. يقابل هذا أن على هذا الأمين واجبات، وهي أن يؤدي عمله بحرص وإخلاص.
الحرص والعناية توجبان عليه عدم تجاوز الصلاحيات الممنوحة له في اتخاذ القرارات، وكذلك عدم اتخاذ القرارات إلا لما فيه مصلحة راجحة للشركة والمساهمين.
ومن العناية أيضا حرصه على حضور جلسات المجلس لمناقشة جدول الأعمال وإثراءه، ومن العناية أيضا أن يسعى لمعرفة التفاصيل التي تعينه على اتخاذ القرارات في مصلحة الشركة، وذلك يستلزم قيامه بتثقيف وتعليم نفسه فيما يحتاجه لأداء عمله، وكذلك الرجوع للمستشارين والخبراء للاستنارة والاستئناس برأيهم فيما يشكل عليه.
إن الخسائر التي تقع على الشركة نتيجة لقرارات مجلس الإدارة أو تابعيهم من موظفي الشركة (فيما يقع منهم ضمن نطاق ممارستهم لمسؤولياتهم في الشركة) يمكن أن يقسم إلى عدة أقسام.
من هذه القرارات: ما يقع بعد اجتهاد وبذل عناية منهم، فهذه لا يُساءلون عنها؛ لأن أعضاء المجلس لا يطلب منه تحقيق نتيجة أو ربح، وإنما يطلب منهم بذل الجهد والعناية. فهم غير ضامنين للأرباح، لكنهم ضامنون للعمل بجد وإخلاص.
ومنها ما يقع نتيجة إهمال أو احتيال. فما وقع نتيجة اهمال وتفريط فهو مضمون بموجب قواعد المسؤولية المدنية، وما وقع عن غش واحتيال، فهو أيضاً مضمون ومعاقب عليه بموجب قواعد المسؤولية الجنائية أو الجزائية.
في حين أن الإخلاص يفرض عليهم تجنب حالات تعارض أو تضارب المصالح، حالات تعارض المصالح هي الحالة التي تكون مصلحة المدير أو عضو مجلس الإدارة متعارضة ومتضاربة مع مصلحة الشركة، والمدير يجب عليه تجنب هذه الحالات أو التعامل معها وفق الإجراءات القانونية لكي يتفادى المسؤولية.
فمثلاً عندما يقوم عضو مجلس الإدارة بمنافسة الشركة دون اتباع الإجراءات النظامية التي نصت عليها المادة 69 من نظام الشركات فإنه يكون مسؤولاً عن تعويض الشركة، كما أن العمليات التي نافس فيها الشركة، سيتم اعتبارها عمليات للشركة، وبالتالي يجب عليه دفع الأرباح لحساب الشركة (لقد عالجت موضوع تعارض المصالح في إدارة الشركات في سلسلة من ثلاث مقالات، نشر منها اثنين والثالث تحت الإعداد).
واجب الإخلاص يفرض عليه كذلك عدم إفشاء أسرار الشركة أو مناقشات مجلس الإدارة أو قيامه بإبداء اعتراضه على قرارات المجلس في العلن؛ لأن هذا يعرض سمعة الشركة ومصلحة المساهمين للخطر، لكنه في حال عدم رضاه عن بعض القرارات فالنظام سمح له بإبداء اعتراضه وتسجيله في محضر الاجتماع.
ختاماً، فضائح السوق المالية، وهبوط أرباح الشركات وأسعار أسهمها خصوصاً بعد إدراجها في السوق، يجعلنا نتساءل: هل هناك آلية لقياس أداء المجالس والتأكد من أن ما تقوم به هو فعلاً يصب في مصلحة المساهمين؟ هل هناك نظام أو آلية للمساءلة والمعاقبة؟
المعاقبة هنا لا يجب أن تكون جنائية فقط؛ بل إننا نحتاج عقوبات مدنية عن التقصير والإفلاس، كمنع أعضاء مجالس الشركات المفلسة من العمل في مجالس الإدارات لمدد كافية للزجر والردع.
..
المقال رائع ومختصر وواضح ، الله يعطيك العافية أستاذ عبد الله
أشكرك أستاذ عاصم على هذا الإطراء.
مقال ثقافي قانوني بأمتياز؛ ولو عرف المساهمون حقوقهم والأهم طالبوا بها؛ وتقدموا وفق الطرق القانونية لجهات الأختصاص ضد الإدارات لم تجرأ مجلس إدارة على أتخاذ قرارات ولا العمل في ما يتعاض مع مصالح الشركة - المساهمون. فما يدفعه المساهمون جاء نتيجة تعب وسنوات عمل؛ وعلى الإدارة الحفاظ على هذه الأموال بالعمل والجهد والإخلاص. شكرا أخي عبد الله
أشكرك أستاذ عيسى.