بالرغم من الانخفاض الحاد في سعر النفط؛ وارتفاع سعر صرف الريال مقابل العملات الأوروبية كنتيجة مباشرة لارتفاع الدولار الأمريكي؛ احتفظت السلع المستوردة بأسعارها المرتفعة؛ مخالفة بذلك أسعارها العالمية التي شهدت انخفاضًا ملحوظًا منذ منتصف العام الماضي.
اعتادت السوق السعودية على التجاوب السريع مع أي ارتفاع يحدث لأسعار المنتجات عالميًا؛ بمعزل عن زمن الاستيراد؛ الذي يفترض أن يؤثر في تسعير المنتجات اعتمادًا على تكلفتها النهائية.
تجاوب المستوردين السريع مع متغيرات الأسعار العالمية تظهر دائمًا في حال ارتفاعها وتختفي بالكلية حين الانخفاض.
لم تعد كلفة الاستيراد الشاملة معيارًا لتحديد هامش ربح التجار؛ بل أصبح السعر الأخير للمنتج المتداول في السوق المحلية معيارًا لغالبية المستوردين؛ وبالتالي يستمر التاجر في إضافة هامش ربح جديد على الأسعار القديمة حتى ولو تهاوت عالميًا؛ وعلى العكس من ذلك، تختفي نظرية التسعير الجائرة في حال ارتفاع الأسعار العالمية؛ وتستبدل بنظرية التكلفة للوصول إلى التسعير الأمثل بعد إضافة هوامش الربح الاعتيادية.
وأعظم من ذلك، إصرار غالبية التجار على رفع أسعار السلع المخزنة لديهم تفاعلاً مع أي ارتفاعات طارئة في الأسواق العالمية؛ لتحقيق مكاسب إضافية على حساب المستهلكين.
رئيس اللجنة الوطنية لوكلاء السيارات بمجلس الغرف السعودية؛ «فيصل أبو شوشة» أكَّد في تصريحات صحفية أن أسعار السيارات في السعودية لن تتراجع في العام 2016 بالرغم من انخفاض أسعار النفط وتذبذب العملات؛ وتوقع أن يحدث التأثير الإيجابي على الأسعار في حال «استمرار تلك المؤثرات لمدى طويل من الزمن».
لم تنتظر أسعار المركبات عالميًا زمنًا قبل أن تتجاوب مع انخفاض تكلفة الإنتاج؛ حيث تشكل «الطاقة» أحد مكوناتها الرئيسة.
وكنتيجة مباشرة لارتفاع سعر صرف الدولار أمام الين؛ انخفضت السلع اليابانية في السوق الأمريكية بشكل واضح.
وفي الأسواق الخليجية شهدت أسعار السيارات اليابانية انخفاضًا ملحوظًا؛ تناغمًا مع انخفاض تكلفة الاستيراد.
كفاءة الأسواق العالمية في تعاملها مع المتغيرات المؤثرة في التسعير خشية المنافسة وفقدان الحصة السوقية لا نجدها متاحة في السوق السعودية التي تغلب عليها سيطرة الوكلاء.
يبدو أن نظريات السوق العالمية اصطدمت بالخصوصية السعودية؛ وهذا ما حال دون تطبيقها محليًا؛ لا بسبب عدم كفاءة السوق المحلية كما نعتقد؛ بل بسبب (عدم دقتها، واستحالة توافقها مع المتغيرات العالمية) كما هو الاعتقاد السائد لدى التجار؛ وبعض وسائل الإعلام التي تجيز نشر أطروحاتهم الغريبة!!.
لم أتمكن بعد من معرفة طول الزمن الذي أشار له السيد «أبوشوشة»؛ إلا أنني على يقين من أن دورة الاستيراد في السلع لا تتعدى ستة أشهر؛ أو ربما أقل؛ وبالتالي فمن المفترض أن تكون أسعار السلع المستوردة؛ والمركبات جزءًا منها؛ قد تجاوبت مع المتغيرات العالمية مطلع العام الحالي؛ أسوة بالأسواق الخارجية.
نؤمن باستحالة وقوف الغرف التجارية مع المستهلكين؛ فهي جزء من المنظومة المعنية بحماية التجار وتعظيم مكاسبهم.
قبل إصدار العملة الأوروبية الموحدة كان «المارك» عملة تمويل استيراد المركبات الألمانية؛ وكان من المعتاد أن يجد المستهلك فارقًا في السعر بين مركبتين متشابهتين في الطراز والموديل معروضتين للبيع في وقت واحد؛ بسبب تكلفة الاستيراد المرتبطة بسعر الصرف.
شيء من هذا لم يعد متاحًا في السوق السعودية بعد أن بات الوكيل يعتمد سعر بيع الموديل القديم مؤشرًا لتسعير المركبات الجديدة بغض النظر عن انخفاض سعر الاستيراد وهذا ما يلحق الضرر بالمستهلكين؛ الذين لا حول لهم ولا قوة؛ ويضعف من كفاءة السوق؛ ويسهم في تغذية التضخم المحلي.
نجاح وزارة التجارة في إخضاع وكلاء السيارات لأنظمة حماية المستهلك؛ يجعلنا أكثر تفاؤلاً بتدخلها في تسعير المركبات وفق أية آلية تحقق العدالة التامة للوكلاء والمستهلكين.
لست مع التدخل الحكومي الدائم في سوق حرة يفترض فيها العدالة المستمدة من سلطة المنافسة والأنظمة الرسمية؛ إلا أن عدم كفاءة السوق السعودية؛ وسيطرة القلة عليها؛ وغياب التنافسية المؤثرة في الجودة والأسعار؛ تدفعنا قسرًا للاستعانة بسلطة «التجارة» من أجل حماية المستهلكين؛ والسوق من بعض الوكلاء المتنفذين.
نقلا عن اليوم
شكرا لك مقالك لامس الجرح . . لكن السؤال : من يحمي الوكلاء ؟ ولماذا لهم خصوصية ؟ ولمذا هم محميون وفوق النظام ؟ بل وتشرع أنظمة لحمايتهم
طالما هناك مستهلك لديه الاستعداد والقدرة على دفع قيمة السلعة بسعرها المرتفع فلماذا يخفض التاجر سعرها ؟ فالتاجر لن يخفض السعر ويستغنى عن جزء من أرباحه الا مجبرا وهذا الاجبار يكون نتيجة انخفاض الطلب على السلعة التي يتاجر بها سواء كان هذا الانخفاض نتيجة المنافسة او نتيجة الظروف الاقتصادية المحيطة بالسوق التي تباع بها هذه السلعة وماعدا ذلك ان وجد فرصة لزيادة السعر فلن يتوانى عن فعل ذلك