سجلت أسعار النفط مستويات قياسية، بعد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، ومن المتوقع أن تواصل الأسعار ارتفاعاتها بسبب التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر منه نحو 20 في المائة من صادرات النفط الذي يستهلكه العالم، ما يعني تهديد أمن الطاقة، والتأثير السلبي على الاقتصاد العالمي، وليس اقتصادات الدول المنتجة فحسب، يولي العالم أهمية قصوى لأمن الطاقة، وهو أمر لا يمكن تحقيقه، إلا بتحقيق أمن الدول المنتجة ومنشآتها النفطية والممرات البحرية، وحماية ناقلات النفط من أي استهداف يقوض أمنها وسلامتها، المواجهة الإسرائيلية الإيرانية قد تتطور بشكل متسارع، وتنعكس تداعياتها على أمن ناقلات النفط في الخليج العربي، ومضيق هرمز، وربما في بعض منابع النفط، ما سيضر بأمن الطاقة، والاقتصاد العالمي.
رئيس أرامكو السعودية، أمين الناصر قال: إن التاريخ أثبت أنه عند نشوب الصراعات لا يمكن التقليل من أهمية النفط والغاز، وهو أمر يتجلى حاليا، وأن التهديدات لأمن الطاقة لا تزال تثير قلقا عالميا في الوقت الحالي، وهذه حقيقة، يثبتها الواقع، والأوضاع الحالية في المنطقة، ما يستوجب التعامل معها بجدية تسهم في وضع تشريعات دولية تمنع استهداف منشآت النفط والغاز، وتهديد أمن الطاقة، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي صرح بعدم وجود حصانة على أي منشأة نفط إيرانية. استهداف منشآت النفط، ربما أوجد العذر لإيران، باستهداف منشآت نفطية في المنطقة، أو استهداف ناقلات النفط.
أسواق النفط هي الأكثر حساسية تجاه الحروب والمواجهات العسكرية، واذا ما ارتبطت المخاطر بتوقف الدول المنتجة عن الإنتاج، أو خفض إنتاجها، أو تعثر الإمدادات بسبب استهداف الناقلات أو قطع خطوط الملاحة البحرية، فمن المؤكد أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع قياسي لسعر النفط، ويحدث أثرا عميقا في قطاع الطاقة، والاقتصاد العالمي، تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز، لا يمكن تنفيذه من الناحية الواقعية، غير أنها قادرة على تهديد أمن الناقلات، وربما استهداف منشآت نفطية في المنطقة، انتقاما لاستهداف منشآتها النفطية، وللإضرار بالاقتصاد العالمي.
من المتوقع تصاعد وتيرة الحرب في الأيام القادمة، واذا ما فكرت إيران بعرقلة حركة المرور في مضيق هرمز، أو استهداف ناقلات النفط، أو منشآت نفطية، وتهديد أمن الطاقة، فستجد نفسها في مواجهة مع العالم أجمع، وبخاصة الدول الصناعية المستهلكة، وفي مقدمتها الصين الأكثر تضررا لاعتمادها على واردات النفط الخليجي، كما أن محاولة إيران استهداف المصالح الأميركية، تحت أي ذريعة، سيجر الأميركيين للحرب المتوقع توسعها بشكل مخيف، ما قد يتسبب في تعثر إمدادات النفط للأسواق العالمية، ويؤدي إلى ارتفاع سعر النفط، وتقويض أمن الطاقة، والإضرار بالاقتصاد العالمي واقتصادات الدول المنتجة. تحقيق أميركا الاكتفاء الذاتي من النفط، ودخولها نادي المصدرين، قد يجعلها أقل اهتماما بأمن الطاقة، ورغبتها التأثير السلبي في اقتصادات الدول الصناعية الكبرى، وفي مقدمتها الصين، ما يزيد من المخاطر المتوقعة.
ارتفاع مخاطر استخدام ورقة النفط، يهدد أمن الطاقة، والأمن البيئي، والأمن الاقتصادي للدول المستهلكة، والمنتجة الأكثر انكشافا على الحرب، غير أن حجم تأثيرها يبقى متباينا بين الدول المنتجة في الخليج، عطفا على الجاهزية، والقدرة على المواجهة، والكفاءة، وسياسات التحوط المتبعة لمواجهة الأزمات.
فالمملكة من أكثر دول النفط تحوطا، وجاهزية، وتمتلك أدوات مواجهة تسهم في الحد من التداعيات الطارئة، وبما يضمن لها استدامة الصادرات، ويحد من الانعكاسات السلبية، فعلى سبيل المثال يمكن للمملكة تصدير نفطها من خلال موانئها في البحر الأحمر لوجود أنابيب نفط ممتدة من مواقع الإنتاج في المنطقة الشرقية إلى موانئ التصدير في المنطقة الغربية، وتمتلك مواقع تخزين ضخمة، موزعة على بعض دول العالم وقريبة من المستهلكين، ولديها الكفاءة التشغيلية، وقدرات احترافية لأرامكو السعودية، ما يساعد على مواجهة التحديات الطارئة والحد من انعكاساتها على صادرات النفط وبالتالي الاقتصاد الوطني.
التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الحرب، وتأثر التجارة الخارجية، والبطء المتوقع في سلاسل التوريد، وارتفاع التكاليف بما فيها تكاليف التأمين، ومخاطر خطوط التجارة البحرية، والجوية، والانكشاف المهني، إضافة إلى متغيرات الدخل، من التحديات المتوقع مواجهتها خليجيا، والتي تتطلب الكثير من العمل لخفض تداعياتها.
تحقيق أمن الطاقة من الضروريات الرئيسة التي يجب فرضها على طرفي المواجهة العسكرية، حماية للاقتصاد العالمي، واقتصادات الدول المستهلكة والمنتجة، والدول الأقل دخلا، الأكثر تضررا من ارتفاع الأسعار، فأي تهديد للمنشآت النفطية، والممرات والمضائق البحرية، وناقلات النفط، يعني تهديدا مباشرا لأمن الطاقة، والاقتصاد العالمي، ما يستوجب بذل جهود دولية لوقفه، ومنع إيران وإسرائيل من استهداف قطاع النفط والغاز، وتهديد أمن الطاقة العالمي.
نقلا عن الجزيرة