تترقب الأسواق نتائج اجتماع الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع وما يمكن أن يحمله من تغيرات في السياسة النقدية الأمريكية وسط مجموعة من العوامل الاقتصادية الأمريكية والعالمية التي تضع مراقبي الأسواق في حيرة من أمرهم حول ما يمكن أن نشهده في اجتماع الفيدرالي الأمريكي.
قبل أشهر كانت التوقعات تشير إلى أن سبتمبر سيكون الموعد المرتقب لرفع الفائدة الأمريكية بعد تصريحات رئيسة الفيدرالي الأمريكي التي ألمحت بها إلى نية الفيدرالي لرفع الفائدة قبل نهاية هذا العام.
إلا أن الرياح سارت بما لا تشتهي السفن.
فالتطورات في جنوب شرق آسيا وتحديدا في الصين جعلت المشاركين في الأسواق في حالة من الخوف انعكست بشكل كبير على تحركات الأسواق المالية بشكل عام وقد تشكل تحدياً كبيراً أمام الفيدرالي في الفترة الحالية.
شهدنا خلال الفترة الماضية تحسنا في سوق العمل الأمريكية وهو أمر يضيف الايجابية للتوقعات برفع الفائدة الأمريكية، فقد انخفض معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 5.1% في آخر قراءة له خلال شهر أغسطس وهو أدنى معدل للبطالة منذ أبريل 2008 فيما استمر سوق العمل باضافة المزيد من الوظائف فيما يعتبر أطول فترة من اضافة الوظائف والمستمرة منذ نوفمبر 2010 وشهدنا معدل الدخل لكل ساعة يرتفع بعد انخفاضه على مدار شهرين سابقين.
كل هذا يجعل المهمة الأولى للفيدرالي بالحفاظ على خلق فرص عمل قد تحققت فعليا حيث أن بيانات العمل تعتبر قوية وتظهر أن الاقتصاد الأمريكي يسير في الطريق الصحيح على صعيد التشغيل.
ولكن من جانب آخر نرى التحدي للمهمة الثانية للفيدرالي وهو الحفاظ على معدلات التضخم ضمن الحدود المستهدفة عند 2% والذي لايزال بحاجة إلى الكثير من التروي قبل اطلاق التكهنات بخصوصه.
فقد اختلفت النظرة منذ يونيو الماضي حين كان مؤشر أسعار المستهلك يرتفع ليصل إلى 0.4% وهو ما جعل النظرة ايجابية حينها، ولكن جاءت قراءة المؤشر متراجعة خلال شهر يوليو واغسطس لتهبط إلى 0.3% ثم 0.1% على التوالي.
هذا الأمر يشكل تحدياً حقيقياً أمام الفيدرالي في اجتماعه يومي 16-17 سبتمبر الحالي ويغير نظرة أعضاء الفيدرالي لرفع الفائدة.
مما لا شك فيه أن هناك رغبة لدى العديد من أعضاء الفيدرالي لرفع الفائدة وعلى رأسهم رئيسة الفيدرالي جانيت يلين، ولكن بقاء معدلات التضخم دون المستهدف وتراجع وتيرته وخاصة في ظل تراجعات أسعار النفط والتي انخفضت بنحو 27% منذ شهر يونيو الماضي.
كذلك كانت الأزمة في الأسواق المالية الصينية والتي انعكست على النظرة العامة عالمياً حول آفاق النمو الاقتصادي العالمي في ظل ما يواجهه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من انهيارات دفعت بالبنك المركزي الصيني إلى التدخل لعدة مرات من خلال ضخ السيولة أو تخفيض الفائدة أو تخفيض قيمة اليوان الصيني، كل هذا ايضا يمكن أن ينعكس سلباً على الولايات المتحدة الأمريكية التي لازالت عملتها مستقرة في مستويات قوية بالمقارنة مع مستوياتها خلال الأعوام الماضية.
وبالنظر إلى كافة الحقائق أعلاه نجد أن الفيدرالي بين خيارين أحلاهما مر، الخيار الأول برفع الفائدة بنسبة 25 نقطة أساس إلى 0.5% والذي يمكن أن يحمل انعكاسات سلبية على مهمة الفيدرالي الثانية بالوصول إلى معدل التضخم المستهدف عند 2% بالاضافة إلى قوة الدولار مقابل ضعف اليوان الصيني وهو ما يمكن أن ينعكس سلباً على التجارة الخارجية الأمريكية.
أو أن يلجأ إلى خيار ابقاء أسعار الفائدة دون تغيير والحفاظ على سياسة الحمائم وهو الأمر الذي يشكل أيضاً خطورة على مستقبل النمو وقدرة الفيدرالي على الرفع التدريجي للفائدة وقد يضطره إلى رفع متسارع في فترات لاحقة وما يمكن لمثل هذا الأمر أن يشكل تحدياً للأسواق في الولايات المتحدة وانعكاساتها على الأسواق العالمية.
أو سيكون هناك خيار ثالث للفيدرالي بامساك العصا من المنتصف ورفع الفائدة ولكن بنسبة أقل قد تكون 10 نقاط أساس وهو ما يبقيه في الاتجاه الصحيح قبل أن يقوم برفع آخر بفترات لاحقة.
يبقى القرار يحتمل العديد من السيناريوهات الأخرى مثل التأجيل إلى ديسمبر مع التلميح له في الاجتماع المقبل ولكن الواقع سنتعرف عليه يوم الخميس عند اعلان نتائج الاجتماع وستضح الصورة بشكل أكبر بعد الاعلان عن محضر الاجتماع بعد اسبوعين لنتمكن من تحديد الاتجاهات القادمة على المدى الطويل لكل من السياسة النقدية الأمريكية وانعكاساتها على الاقتصاد الأمريكي والعالمي.
اخلاء المسؤولية
إن جَميع مَعلُومَات السُوقْ الوارِدَة في تقرير السُوق المقدم من آي سي إم كابيتال؛مُستقاه من عِدة مَصَادِر مُسْتَقِلَهْ، يُعتقدُ أنها ذات مَوثُوقية وكتبت بنيةٍ حَسِنة.
إن المعلومات الواردة لا تمُثل مشورة استثمارية شخصية أو حتى دعوة للتداول في أي استثمار أو أي عَمَلِيات تَدَاول.
إن الأسعار والأخبار المشار إليها في هذا التقرير لا تحمل أي ضمانٍ لأداء السوق في المستقبل.
هناك مخاطر تُصاحبُ أي استثمار، ونحن نشجع القُراء -بقوة- ؛ على استكمال المعلومات الواردة في تقرير السوق من خلال بحثٍ مُستقلٍ، وبمشورةٍ مُتخصصَةٍ أخرى، قبل الإقدام على اتخاذِ أي قَراراتٍ استثمارية.