عاد مصطلح "حرب العملات" ليتصدر عناوين الأخبار من جديد بعد أن شهدت الأسواق المالية سلسلة من الخطوات الصينية والتي اعتبرتها الأسواق بأنها انضمام للصين في حرب العملات.
تخفيض الصين لعملتها بشكل متكرر خلال الأيام الماضية يعتبر وسيلة من الصين لكسب ميزة سعرية لمنتجاتها من جديد لتتمكن من تسويق هذه المنتجات وهو الأمر الذي يجعلها في نفس الموقع الذي شغلته الولايات المتحدة لفترة من الزمن شهدنا فيها الدولار الأمريكي يتراجع بقوة نتيجة السياسة التيسيرية للفيدرالي الأمريكي وكانت أهدافها المعلنة بأنها لضخ سيولة في الأسواق لمواجهة الركود الاقتصادي ولكنها فعليا عززت من قوة تصدير السلع الأمريكية لما اكتسبته من ميزة سعرية.
وهذه الأيام تأتي الصين لتخفض قيمة العملة الصينية، اليوان، لتحمل في طياتها العديد من المخاطر على الاقتصاد العالمي، وأهم هذه المخاطر هي بالتضخم السلبي الذي من الممكن أن يشكل خطرا على الغرب بشكل خاص.
حيث شهدنا في الفترة الأخيرة ما تواجهه الدول الاوروبية والولايات من تحديات ناتجة عن تراجع مستويات التضخم وبقاؤها بعيدة عن اهداف البنوك المركزية لهذه الدول ولتأتي الصين في خطواتها الأخيرة لتزيد من المخاوف بأن انخفاض أسعار السلع الصينية يمكن أن يدفع بمعدلات التضخم للمزيد من التراجع عن مستوياتها المتدنية الحالية وهو الأمر الذي سيحمل ايضا العديد من الضغوط على دول الغرب.
نعلم جيدا أن انخفاض الأسعار يعتبر أمرا جيدا للمستهلك ولكن حين يحدث هذا التراجع في وقت تكون فيه مستويات التضخم منخفضة فإنه قد لا يكون أمرا ايجابيا للاقتصاد بشكل عام، حيث أن العديد من المستهلكين قد يتجهون إلى تأجيل الشراء أملا في المزيد من التراجع في الأسعار أو بمعنى آخر بانتظار انتهاء موجة هبوط الأسعار للشراء عند أدنى سعر.
هذا الأمر يمكن أن ينعكس سلبا على الأعمال في هذه الدول وهو الأمر الذي من شأنه أن يشكل ضغوطا جديدة على البنوك المركزية.
هذه الخطوات من بنك الشعب الصيني تأتي في الوقت الذي ألمح فيه كل من الفيدرالي الأمريكي وبنك انجلترا بنيتهم لرفع أسعار الفائدة ولكن مثل هذه الخطوات الصينية يمكن أن تدفع بالبنوك المركزية للتفكير من جديد في إمكانية رفع الفائدة خلال هذا العام أو في النصف الاول من العام المقبل.
لا يمكن أن نلوم الصين على هذه الخطوات لتخفيض قيمة اليوان، حيث أن ارتباط اليوان بالدولار الأمريكي حمل تكلفة كبيرة على الاقتصاد الصيني بعد الارتفاعات القوية في الدولار خلال السنوات الأخيرة وهو الأمر الذي كلف الصين قوتها ومصدرها الرئيسي للدخل وهو الصادرات وبالتالي فإن التخفيض الحالي في قيمة اليوان لا يزال أقل من القوة التي حصل عليها الدولار خلال السنوات الماضية والتي وصلت إلى نحو 22% منذ أبريل 2014 حتى هذه اللحظة في حين الدولار ارتفع على اليوان بنسبة 6% فقط خلال هذه الفترة وهو ما يجعلنا ننظر إلى أن الفجوة لا تزال كبيرة وقد يستمر بنك الشعب الصيني في خفض أسعار اليوان أكثر ليتمكن من معايرة التأثير وسد الفجوة الناجمة عن ارتفاع الدولار الأمريكي.
كما ان بنك الشعب الصيني لديه سببا آخرا لهذا التخفيض والذي قد لا يكون معلنا ولكنه الأقرب للاعتقاد به في الفترة الحالية حيث يسعى بنك الشعب الصيني لادراج اليوان ضمن سلة حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي ولهذا قد يلجأ البنك إلى تحويل اليوان إلى سياسة سعر الصرف الحر وليس سعر الصرف الثابت والمرتبط بسعر الدولار الأمريكي كما هو الحال في الفترة الحالية ليتوافق مع متطلبات صندوق النقد الدولي للعملات التي تدخل ضمن سلة حقوق السحب الخاصة SDR.
مما سبق نرى ان حرب العملات الجديدة قد تكون في بداياتها فقط ومن الممكن أن نشهد المزيد من التحركات والخطوات الصينية خلال الفترة القادمة علما بأن الموعد المرتقب لاقرار صندوق النقد الدولي للعملات في سلة حقوق السحب الخاصة بعد عام من الآن وهو ما سيجعل هذا العام حاسما بالنسبة للصين بالإضافة إلى ما يمكن أن تواجهه الصادرات الصينية من تحديات في حال رفع الفائدة الأمريكية وما قد يترتب عليها من ارتفاع للدولار الأمريكي وهو ما قد يشكل ضغطا على الحكومة الصينية للمزيد من عمليات التخفيض على سعر اليوان الصيني.
ومما لا شك فيه أن هذا الامر يعيد البريق للمعدن الأصفر حيث شهدنا خلال الفترة الماضية عمليات الشراء القوية على الذهب والتي اوقفت الاتجاه الهابط عليه بعد خطوات البنك المركزي الصيني وهو ما قد يعيد الذهب من جديد إلى الواجهة كملاذ آمن في ظل عودة حرب العملات إلى الساحة.
اخلاء المسؤولية
إن جَميع مَعلُومَات السُوقْ الوارِدَة في تقرير السُوق المقدم من آي سي إم كابيتال؛مُستقاه من عِدة مَصَادِر مُسْتَقِلَهْ، يُعتقدُ أنها ذات مَوثُوقية وكتبت بنيةٍ حَسِنة.
إن المعلومات الواردة لا تمُثل مشورة استثمارية شخصية أو حتى دعوة للتداول في أي استثمار أو أي عَمَلِيات تَدَاول.
إن الأسعار والأخبار المشار إليها في هذا التقرير لا تحمل أي ضمانٍ لأداء السوق في المستقبل.
هناك مخاطر تُصاحبُ أي استثمار، ونحن نشجع القُراء -بقوة- ؛ على استكمال المعلومات الواردة في تقرير السوق من خلال بحثٍ مُستقلٍ، وبمشورةٍ مُتخصصَةٍ أخرى، قبل الإقدام على اتخاذِ أي قَراراتٍ استثمارية.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع