أعطى نظام الشركات مجلس إدارة الشركة المساهمة صلاحيات واسعة لإدارة شؤون الشركة. مقابل هذه السلطات قيد النظام مجلس الإدارة بمجموعة من الالتزامات تضمن عدم إساءة استخدام هذه الصلاحيات. ولكن لماذا التركيز على مجلس الإدارة فقط عند إثارة موضوع المسؤولية؟ ربما لإن مجلس الإدارة هو الجهاز الفعال في اتخاذ القرارات وهو الذي يظهر أمام العامة على أنه يدير دفة الشركة. لكن الصلاحيات ليست مركزة فقط في مجلس الإدارة بل أن الجمعية العامة للمساهمين تمارس كذلك بعض الصلاحيات المهمة بصفتهم ملاك الشركة منها تعيين مجلس الإدارة على سبيل المثال.
كل مساهم له الحق الحضور والمشاركة في الجمعية العامة للشركة عن طريق التصويت إذا كان حائز على عشرين سهما، إذ أن السهم يعطي لحامله الحق في التصويت وبقدر حجم الأسهم التي يمتلكها المساهم يكون له الحق في التصويت. وفقاً لهذا المنطق كل ما زاد عدد أسهم المساهم زادت معها حقوقه التصويتية في الجمعية العامة، وإذا وصل نسبة ما يمتلكه المساهم من أسهم يمثل 30% من حقوق التصويت أو كان له الحق في تعيين 30% من الجهاز الإداري يكون مساهم مسيطر وفقاً لتعريف السيطرة الوارد في "قائمة المصطلحات المستخدمة في لوائح هيئة السوق المالية وقواعدها".
الحقوق المتصلة بالسهم متعددة ومتنوعة مثل الحق في الحصول على نصيب من الأرباح وحق حضور جمعيات المساهمين ولكن أهم هذه الحقوق هو الحق في الحضور والتصويت على قرارات الجمعية العامة العادية، والتي يدخل ضمن اختصاصها بنص المادة (66) من نظام الشركات حق تعين مجلس الإدارة.
وفقاً للتعريف السابق للمساهم المسيطر هو المساهم الذي يمتلك الحق في تعيين الجهاز الإداري. في سياق الشركات المساهمة، مفهوم الجهاز الإداري ينصرف إلى مجلس إدارة الشركة بصفته الجهاز الإداري الذي يسير أمور الشركة. هذا يستلزم بأن المساهم يعتبر مسيطر متى ما كان يمتلك تعيين 30% من مجلس إدارة الشركة المساهمة.
مجلس إدارة الشركة ملزم بأن يراعي مصالح الشركة وليس المجموعة التي يمثلها أو صوتت له. ولا يعتبر هذا الالتزام من الالتزامات المرهقة لمجلس الإدارة مادام أن مصلحة الشركة لا تتعارض مع مصلحة المساهم المسيطر ولكن الإشكالية تنشأ عندما يكون هناك تعارض بين مصلحة المساهم المسيطر ومصلحة الشركة. نظرياً المجلس ملزم بمراعاة مصلحة الشركة ولكن يمتلك المساهم المسيطر التأثير على قرارات مجلس الإدارة بأكثر من طريقة لإيقاف القرارات التي تتعارض مع مصلحته.
يستطيع المساهم المسيطرين استخدام حقه في التصويت في الجمعية العامة ضد أي قرار لا يتوافق مع مصلحته متى ما سمح له النظام. وقد لا يحتاج المساهم المسيطر إلى استخدام هذا الحق لإعاقة القرارات التي تكون ضد مصلحته، قد يستخدم قوته الناعمة عن طريق إملاء رغباته على مجلس الإدارة. في بعض الأحيان قد يضطر المجلس للانصياع لرغبات المساهم المسيطر حتى ولو كانت ضد مصالح الشركة خوفاً من عدم التجديد لهم.
حدد نظام الشركات التزامات مجلس الإدارة ولكنه لم يبلْور مسؤوليات المساهم المسيطر تجاه الشركة. وقد كفل النظام للمساهمين الحق بالمطالبة بالتعويض عن الأخطاء التي يقع فيها المجلس ولكن يصعب على صغار المساهمين مطالبة المساهم المسيطر بالتعويض في حالة لحقهم ضرر نتيجة ممارسته لحقه في التصويت في الجمعية العامة مثلاً.
جاء نظام الشركات ولوائح هيئة السوق المالية خالية من مسؤوليات تلزم المساهم المسيطر بتعويض الشركة وصغار المساهمين إذا أصابهم ضرر نتيجة خطأه. هذا الفراغ التشريعي يعمق الفجوة في العلاقة بين صغار المساهمين والمساهم المسيطر، في الوقت الذي يعتبر صغار المساهمين هم الطرف الأضعف في هذه العلاقة. لذلك على المنظم التدخل للحفاظ على مصالح صغار المساهمين لإيجاد التوازن في العلاقة بينهم وبين المساهمين المسيطرين. ممكن أن يتدخل المنظم عن طريق إلزام المساهم المسيطر بالتزامات مشابهة لالتزامات مجلس الإدارة عند وجود تعارض المصالح. هذا الالتزام يجد مبرره في حقيقة أن المساهم المسيطر يملك التأثير على قرارات مجلس الإدارة وبالتالي التحكم في ملكيات غيره. تزداد أهمية هذه الخطوة إذا عرفنا أن أغلب المساهمين في السوق السعودي من الأفراد وهم يشكلون صغار المساهمين في الجمعيات العامة.