سوق المال السعودي هو من بين أكبر عشرة أسواق عالمياً من حيث القيمة السوقية، وواحد من أهم الأسواق الناشئة، وهناك توجه كبير من الاستثمار الأجنبي له منذ أن سمح لهم بالاستثمار المباشر فيه وانضمامه لمؤشرات الأسواق العالمية الكبرى التي تندرج تحتها الأسواق الناشئة، مثل مورجان ستانلي الشهير وفوتسي راسل، وقد تطورت كثيرا الأنظمة والتشريعات في السوق تزامناً مع هذه التحولات الكبرى التي تتماشى مع رؤية 2030 فأصبح الإفصاح والشفافية مما يميزان السوق السعودي إضافة لتطبيق الحوكمة والرقابة المرتفعة إضافة للتطور التقني في تعاملات السوق، لكن طبيعة الأسواق عالمياً دائماً تحتاج لمراجعة الأنظمة والمستجدات لتطويرها أو سد الثغرات التنظيمية التي تظهر بين فترة وأخرى، فهذا ما حدث في الأسواق الأمريكية والأوروبية وغيرها من الأسواق المتقدمة عندما ظهرت الحاجة لذلك، وفي السوق السعودي يبدو أن هناك حاجة لدراسة تتعلق بتعارض المصالح التي تظهر في عقود أو صفقات تعقدها بعض الشركات المساهمة مع أطراف ذات علاقة أي من كبار الملاك.
فهناك عقود وصفقات تعلن تثير الاستغراب لدى المتعاملين والتساؤل حول حجم الفائدة للأطراف ذات العلاقة، وبمراجعة تلك التقارير والأخبار المعلنة من الشركات التي تفصح عن عقود وصفقات مع أطراف ذات علاقة ستظهر الكثير من التفاصيل والمعلومات المفيدة عند إعادة دراسة أوضاع تلك الشركات وطريقة إدارة أعمالها وعقودها، فتنظيمياً كل ما يعلن هو ضمن سياق الأنظمة، وبما أنه يعلن عنه، فهو يصبح ملتزماً بالأنظمة، ويعد من ضمن سياق أعمال الشركة، لكن ومن باب منع استغلال ذلك لما لا يعاد النظر في ما يتعلق بتلك الممارسات مثل أن يوضع نظام عند عرض تلك العقود على الجمعية العمومية بألا يسمح للأطراف ذوي العلاقة أو أقاربهم ممن يملكون حصصا في تلك الشركات بالتصويت على هذه البنود، وأن يكون عرض تلك العقود جميعاً دون استثناء مهما بلغ حجمها على الجمعيات للتصويت عليها إضافة لتعميق فصل الملكية عن الإدارة ووضع أوزان جديدة لتأثير المساهمين من غير كبار الملاك أو المؤسسين في التصويت والتدخل وفق محددات معينة في محاسبة الإدارة التنفيذية إضافة لزيادة عدد الأعضاء المستقلين في مجلس الإدارة والإلزام بلجنة تكون من المستقلين بمجلس الإدارة حصرياً.
ومن يستعينون بهم من خارج الشركة ومجلسها تكون معنية بالنظر في عقود الشركة وصفقاتها التي توجد ببعض اشركات تحت مسمى لجنة الاستثمار أو التنفيذية، لكنها حالياً مجرد اجتهاد من مجالس الإدارات، فهناك حاجة لأن تكون ملزمة مثل لجنة المراجعة، ويتم التصويت على تعيين أعضائها من الجمعية العمومية، لا شك أن السوق المالي السعودي تقدم كثيراً بالتنظيم والتشريعات التي قامت بها هيئة السوق المالية، وساهم ذلك في زيادة الإقبال على إدراج عدد كبير من الشركات، وأصبح السوق المالي مصدرا رئيسيا لتمويل الشرمات، وكذلك جذب الاستثمار محلياً وأجنبياً وتوجهات تطوير أنظمته لا تتوقف إلا أن هناك حاجة لإعادة النظر في العقود والصفقات التي تتم مع أطراف ذات علاقة ودراسة أثرها الحالي والمستقبلي لوضع أطر تنظيمية لها إذا كان هناك حاجة بهدف المزيد من التطوير في الأداء والحفاظ على جاذبية الاستثمار لكل الشركات خصوصاً الصغيرة والمتوسطة والعائلية منها على وجه التحديد.
نقلا عن الجزيرة