تعرفنا في المقالة الأولى على الصعوبات التي قد تواجه صغار المساهمين في قضايا التعويض عن ضرر التصريح بمعلومات غير صحيحة. يستكمل هذا المقال مناقشة نفس الموضوع مع طرح اقتراح لهذه التحديات.
من المعروف أن فرضية كفاءة السوق تأخذ ثلاث أشكال، الشكل الأولى وتسمى " الضعيف" ومؤداها أن السعر الحالي للسهم يعكس جميع المعلومات السابقة (التاريخية)، فلا يمكن تحقيق أرباح غير عادية بناءاً على تحليل البيانات التاريخية، وفقاً لهذا الشكل فإن التغيرات المتتالية في سعر الورقة المالية مستقلة عن بعضها.
الشكل الثاني ويطلق عليه "شبه الضعيف" وتشير إلى أن المعلومات العامة المتاحة والمعروفة للجمهور منعكسة في سعر الورقة المالية الحالي، وعليه لا يمكن تحقيق أرباح غير عادية بناءاً على تحليل المعلومات العامة لأنها منعكسة في سعر الورقة المالية الحالي، في ظل هذا الشكل تستجيب أسعار الورقة المالية لما ما يتاح من معلومات.
الشكل الثالث ويعرف ب "القوي" وتقول إن جميع المعلومات العامة والخاصة (المعروفة فقط للمطلعين) منعكسة في سعر الورقة المالية الحالي، فلا يمكن تحقيق أرباح غير عادية بناءاً على تحليل هذه المعلومات العامة أو الخاصة لأن السعر الحالي هو أفضل سعر، ويمثل هذا الشكل المثالي للأسواق حيث لا يمكن التلاعب بالأسعار وتكون استجابة الأسعار للمعلومات المتاحة سريعة.
محتوى البيانات والتقارير التي تفصح عنها الشركات المدرجة في مجملها تشكل مصدر مهم للمعلومات التي ترتكز عليها فرضية كفاءة السوق. ذلك أنه كلما كان السوق ذو كفاءة عالية كانت استجابة سعر السهم سريعة.
المستثمرين والمساهمين بشكل عام يعتمدون على المعلومات المتاحة في تقييم أداء الشركات وبناءاً عليه تتأثر قراراتهم الاستثمارية. لذلك من المفترض أن جميع المعلومات المتوفرة عن الشركة صحيحة ودقيقة لأنها هي الأساس الذي يقيم عليه المستثمرين والمساهمين قراراتهم.
وفقاً لبعض الدراسات والمقالات تعتبر كفاءة السوق السعودي من النوع الضعيف. رغم هذا التصنيف إلا إن ذلك لا ينفي حقيقة أن بيانات الشركات تلعب دور مهم في التأثير على قرارات المساهمين والمتداولين.
لو حصل تضليل في بيانات أي شركة قد يؤثر ذلك التضليل في سعر سهمها. وبطبيعة ضرر الاحتيال في المعلومات أنه لا يقتصر على مساهم دون أخر بل يشمل جميع من باع أو اشترى بناءاً على المعلومة الغير الصحيحة.
عمومية الضرر الناتج عن المعلومة المضللة مفترض، وهذا الافتراض يجد تبريره في نظرية كفاءة السوق. ذلك أن سعر السهم يعكس معلومات عن الشركة صحيحه كانت أو غير صحيحة (وإن كانت تاريخية مثل البيانات المالية) فإن المتداول قد أعتمد على نزاهة السوق وأفترض أن هذه المعلومات انعكست في سعر السهم.
منطقيا نستطيع القول أن جميع من باع واشترى في الفترة التي تم التصريح فيها عن المعلومة المغلوطة قد لحقه ضرر المعلومة المغلوطة.
وبما أن الضرر لحق جميع من باع أو اشترى في تلك الفترة اقترح بتعديل النظام ليتم السماح بضم دعوى كل من يدعى أنه اعتمد على تلك المعلومة في اتخاذ قرار البيع والشراء في دعوى جماعية واحدة.
وفقاً لهذا المقترح يمكن افتراض الشرط الأول والثاني الواردان في المادة السادسة والخمسون ولن يبقى سوى أن تثبت الدعوى الجماعية الشرط الثالث.
بمعنى يتم افتراض أنه ما كان المتضررين على علم بإغفال البيان أو عدم صحته وأنهم ما كانوا أن يبيعوا أو يشتروا لو كان عندهم علم مسبق بإغفال المعلومة أو عدم صحتها.
المبرر لهذا الافتراض أنه يصعب بعد ضمهم في دعوى واحده أن يطلب من كل واحد أن يثبت على حده أنه لم يكن على علم بعدم صحة المعلومة لأن ذلك سوف يقلل من أهمية ضم الدعاوى.
وإنما عليهم أن يثبتوا فقط أن الشخص المصرح كان على علم بعدم صحة المعلومات أو أنها تضمنت إغفالا جوهرياً.
فرضية كفاءة السوق تدعم هذا المقترح. الفرضية تفترض أن المساهم أو المستثمر يعتمد على نزاهة السوق إذا أنه يتصور كل ما هو مصرح به دقيق وصحيح لذلك يرتكز على البيانات المصرح بها في اتخاذ قراراته.
المفهوم المخالف لفرضية الكفاءة يقتضي أن المساهم أو المستثمر يفترض عدم صحة البيانات المصرح بها. في هذه الحالة تنعدم الفائدة من الاعتماد على بيانات الشركات. هذا المفهوم يقتضي عدم الحاجة إلى معاقبة التصريح بمعلومات غير صحيحة حيث أنه لن يعتمد عليها.
السؤال الذي قد يثور في هذا السياق هل كل من باع أو اشترى في الفترة التي تم التصريح فيها بالمعلومة المغلوطة يحصل على التعويض؟ الجواب: لا. يمكن حصر حق الانضمام على من يدعي أن دافعه وراء تصرف البيع أو الشراء كان المعلومة المغلوطة.
ويمكن ضبط الانضمام إلى الدعوى الجماعية بعدة ضوابط إجرائية مثل اشتراط عدد معين لإمكانية السير في الدعوى الجماعية.
من المتوقع أن يسهم هذا المقترح في تسهيل حق التقاضي للمساهمين من جهة ومن جهة أخرى يقوي دور صغار المساهمين عن طريق ردع التنفيذين والمدراء ومجلس الإدارة من التصريح بمعلومة مغلوطة أو الإغفال عن التصريح بمعلومة جوهرية.