شركات الاستقدام بين التنظيم والاستغلال (2)

13/05/2015 1
خالد البواردي

في الأسبوع الماضي تحدثنا عن نظام شركات الاستقدام الأهلية وقارنا بينه وبين نظام الاستقدام في جبل علي و مدينة الملك عبدالله الاقتصادية عبر كادر، واليوم نكمل سلبيات نظام هذا النوع من الشركات.

رغم أن نظام شركات الاستقدام الأهلية يهدف إلى تنظيم سوق العمل ومنع التستر إلا أن طريقة تطبيقة الخاطئة أفرزت بعض السلبيات الخطيرة ومنها التأثير السلبي على دخل المواطن وعلى القطاع التجاري والصناعي وعلى اقتصاد البلد وذلك عبر زيادة طبقة تكاليف إضافية غير ضرورية على الجميع، بل إنه ورغم أن وزارة العمل تهدف إلى تقليل استقدام موظفين غير سعوديين إلا أنها بهذا النظام ستزيد عدد العمالة غير السعودية بما لا يقل عن عشرة آلاف موظف ليس لهم أي قيمة مضافة إلا خدمة هذا النظام.

للتوضيح أكثر سنستخدم لغة الأرقام، تكلفة العامل مباشرة وبدون اللجوء إلى شركات الاستقدام 1500 ريال شهرياً شامل جميع مصاريف الاستقدام والإقامة والتأمين، ولكن وزارة العمل لا تريد هذا الخيار بسبب التستر أو إضاعة حقوق العمالة، أما خيار شركات الاستقدام فإن تكلفة العامل ستكون 2700 ريال شهرياً منها 1500 تكلفة العامل شاملة تكاليف الاستقدام والإقامة والتأمين، و700 ريال تكاليف إضافية وهي مصاريف شركات الاستقدام ورواتب موظفيها، و500 ريال أرباح على كل عامل شهرياً تحصل عليها شركات الاستقدام.

المملكة تستقدم أكثر من خمسمائة ألف عامل سنوياً ولدينا ثمانية ملايين عامل في البلد و وزارة العمل تقوم بطريقة غير مباشرة بإجبار الناس على استخدام شركات الاستقدام وذلك برفض طلبات الاستقدام أو إعطاء المستحقين ربع ما يستحقون لكي تجبر الناس على استخدام شركات الاستقدام الأهلية، إذا ما افترضنا أن 20% من العمالة الإجماليه في المملكة ستكون من شركات الاستقدام في السنتين القادمة، أي 1.6 مليون عامل، هذا العدد سيحتاج إلى أكثر من عشر آلاف موظف لإدارتهم وحيث إن شركات الاستقدام سعودتها لن تزيد عن 20 في المائة وتمتلك ما تشاء من الفيز فإن معظم موظفيهم سيكونون من غير السعوديين، وهذا يعني إضافة الآلاف من الموظفين لم يكن لهم حاجة في البلد.

أما بالنسبة لتكاليف هذا النظام على اقتصاد البلد وعلى ميزانية الدولة والمواطن، نضرب 1.6 مليون عامل في 1200 وهي التكلفة الإجمالية الإضافية لنظام شركات الاستقدام الأهلية، ستكون التكلفة الإجمالية 23 مليار سنوياً سيتحملها المواطن ومشاريع الدولة، منها 9.6 مليار أرباح لعشرين شركة استقدام وما لا يقل عن مليار رواتب غير سعوديين سنوياً.

أضف إلى ذلك، النظام الجديد يشترط أن يكون رأس المال لمثل هذه الشركات 100 مليون ريال بمعنى أنها فقط للتجار، وهذا يعني زيادة الطبقية في المجتمع وتركز الثروات وفي نفس الوقت هذا النظام يحارب رواد الأعمال أو المشاريع الصغيرة حيث إن المشروع الصغير وقع بين مطرقة وزارة العمل بعدم الحصول على فيز، وبين سندان شركات الاستقدام حيث إنها لا تخدم الشركات الصغيرة وإن فعلت فهي تأخذ ما لا يقل عن نصف أرباح المشروع الصغير إن لم يكن الربح بأكمله.

نظام شركات الاستقدام الأهلية هو نظام سيكلف الاقتصاد أكثر من 23 مليار سنوياً ولن يستفيد منه إلا شركات الاستقدام. إن كانت وزارة العمل تريد أن تقضي على التستر فهناك قانون يعاقب المتستر ولا يجب أن تعاقب الوزارة الاقتصاد والمجتمع على التستر، وإن كان القصد تنظيم السوق فهناك تجربة جبل علي يمكن الاستفادة منها ولا داعي لاختراع العجلة من جديد وخلق مشكلة جديدة للقضاء على مشكلة قديمة.

من الأفضل أن يكون هناك شركة حكومية لتوفير العمالة وتكون نسبة السعودة فيها 100% ويكون هدفها التنظيم ودعم الاقتصاد وليس الربح، والسبب في أن لا يكون الهدف ربحيا، لأن تكاليف العمالة عنصر رئيسي في أي نشاط أو خدمة وأي مبالغة في الربح فإنه سينعكس على الاقتصاد وعلى المواطن، ويمكن تمويل هذه الشركات برسوم 2000 ريال على كل فيزة تصدر. كما يمكن أن تقوم هيئة المدن الصناعية بإنشاء شركة استقدام خاصة بالصناعة ومثلها الجبيل وينبع وهيئة الاستثمار.

كلي أمل أن يراجع مجلس الشؤون الأقتصادية ومعالي وزير العمل هذا النظام حيث إن عواقبه الاقتصادية وخيمة وهناك بدائل أفضل منه.

نقلا عن الجزيرة