سعودة قطاع الاتصالات

03/01/2017 13
خالد البواردي

قرار توطين سوق الاتصالات يعتبر قراراً مهماً ونجاحه أهم، حيث إن نجاحه يُعطي أملاً في توطين وظائف قطاع التجزئة، وهو قطاع كبير يستوعب أعداداً كبيرة من الشباب. وفي المقابل فشله، بعد فشل سعودة سوق الخضار والليموزين وسوق الذهب، يعني خسارة الثقة في أي مجهود لتوطين الوظائف مستقبلا، خصوصاً أن وزارة العمل صرحت بأن هذه المرة مختلفة عن كل مرة، ليس هذا فقط، ولكننا سنكون أمام مشكلة أكبر في المستقبل، حيث إن مساحة الأسواق التجارية المزمع إنشاؤها في الرياض فقط تقدر بنحو ١.٢ مليون متر مربع، ونحن أمام ثلاثة خيارات: إما توطينها بالكامل، وإما فتح الباب على مصراعيه لاستقدام العمالة أو إيقاف استثمارات بالمليارات.

ذكرت رأيي في تويتر، وقلت رغم تفاؤل وزارة العمل والمجهود المشكور الذي تبذله إلا أني أعتقد بأن مصير هذا القرار سيكون مثل مصير ما قبله من القرارات المذكورة أعلاه، وأنه لن ينجح. ولاقى هذا الرأي غضب بعض المخالفين، رأيي كان يستند إلى ثلاث محاولات مشابهة لوزارة العمل لم تنجح، إضافة إلى خبرة في سوق العمل وفي قطاع التجزئة، ورأي المخالف غالباً لا يستند إلى أي تجربة سابقة أو خبرة، إنما رأي عاطفي حماسي مشابه لرأي الكتاب الذين شجعوا قرار سعودة الليموزين والذهب وسوق الخضار وأوهموا الناس بأنها الطريق الصحيح إلى السعودة، ثم فشلت. وقتها استفادت الوزارة من الدعم والتشجيع، واستفاد الكاتب شعبية وربما أصبح مستشاراً إعلامياً، والخاسر كان الوطن والمواطن. يقال "النية الحسنة لا تُصلح العمل الفاسد" وهذا ما حدث وقتها، نية حسنة ولكن  بدل أن تنتقد وتصحح مسار القرار راحت تشجع وتطبل إلى أن فشل.

أعتقد بأن هناك ثلاثة أسباب ستساهم في عدم نجاح القرار. الأول، من السذاجة أن تعمل العمل نفسه مرتين وبنفس الطريقة وتتوقع نتيجة مختلفة، نحن اليوم في هذا القرار نعمل نفس العمل للمرة الرابعة وبنفس الطريقة ونتوقع نتيجة مختلفة، الفرق الوحيد هذه المرة أن هناك أكثر من وزارة تشارك في تطبيق القرار، والحقيقة هذه المشاركة رغم أهميتها إلا أنها لا تضمن نجاحه. 

السبب الثاني، تجاهل المعنيين في هذا القرار، وهناك ثلاثة أطراف معنية بهذا القرار إذا تجاهلنا أحدهم لا يمكن أن ينجح القرار، الطرف الأول هي وزارة العمل وبدونها سيفشل القرار، الطرف الثاني الشاب السعودي والذي بدون تعاونه والتزامه وتقديمه خدمة ممتازة منافسة لخدمة الأجنبي كجودة وسعر فإن القرار لن ينجح، الطرف الثالث هو العميل، فإذا لم يتوفر له خدمة جيدة متقنة وبسعر مناسب سيبحث عن بديل. الوزارة اليوم وبعض الكتاب تعاملوا مع القرار وكأنه مسؤولية طرف واحد وهي الوزارة، وحملوا الوزارة مسؤولية النجاح أو الفشل وهذا غير منطقي.

الثالث، أن الوزارة وبعض الكتاب يعتقدون بأن الحل لإنجاح القرار بالإضافة إلى المنع، هو تشجيع الشباب وتشكيل رأي عام يدعم القرار واتهام كل منتقد للقرار، والحقيقة بأن الشاب الحريص على العمل لن ينتظر تشجيعاً، بل ينتظر الفرصة، أما الشاب غير المسؤول فلن تفيد فيه نصائح مغرد أو كاتب أو دعاية الوزارة، ولنا في د. غازي القصيبي- رحمة الله- عبرة، حيث إنه كان أول وزير يخلع المشلح وينزل بلبس طباخ ويحتفل بتوطين عمالة المطاعم لتشجيع الشباب ومع هذا، فشل التوطين في وقته. الكلام الجميل "لا يُؤكل عيش"، وقمع أي انتقاد أو اقتراح لتصحيح مسار القرار والاكتفاء بالتشجيع سيساهم في فشل القرار.

أتمنى سعودة جميع الوظائف والقطاعات من النجارة إلى منصب الرئيس التنفيذي، ولكن يجب أن نتعامل مع القضية بحكمة وبواقعية لحلها كي لا نحصل على نفس النتائج السابقة.

خاص_الفابيتا