لا زلنا نسمع عن مرحلة تطور اقتصاديات دول شرق أسيا، ومثال على ذلك تجربة دول النمور الأسيوية التي شهدت مرحلة قوية من النمو والخروج من عنق الزجاجة خلال فترة قصيرة، وأجبرت دول العالم على متابعة ودراسة خططهم الإستراتيجية في تحقيق النهضة الصناعية خلال أقل من 30 عام.
في عام 2011، نجح الاقتصاد الصيني أن يحتل المرتبة الثانية كأكبر اقتصاديات العالم بعد الولايات المتحدة، وأصبحت اليابان في المركز الثالث بعد احتلالها المركز الثاني إلى ما يقرب عن 40 عام متتالية، ونجحت الصين في تحقيق خطتها الاستراتيجية لتكون الدولة الأكبر تصديرًا في العالم، وكما نعلم جمعيا أن في الوقت الحالي الكثير من منتجات الأسواق مكتوب عليها صنعت في الصين، مما يثير إلى أذاهنا أن الصين بالفعل قد غزت العالم.
استطاعت الحكومة الصينية تمهيد وخلق مناخ مناسب لجذب الاستثمارات الأجنبية الخارجية وتخفيف القيود الداخلية اللازمة لعمليات تدفق روؤس الأموال الخارجية بسهولة. ونظرا لما تشهده الصين من إستقرار سياسي ومراحل نمو اقتصاية، توجهت الشركات العالمية بالاستثمار داخل الصين على خلفية انخفاض تكاليف المواد الأولية.
وفي الوقت الحاضر يشهد النمو الاقتصادي الصيني وتيرة من التباطؤ في حين أن هناك نمر جديد على الطريق، وهو الاقتصاد الهندي، الذي يشهد حالة من التعافي والتطورخلال الـ 10 سنوات الماضية.
كما تشير التوقعات أن خلال عام أو أثنين سوف يكون الاقتصاد الهندي في مكانة جيدة ضمن الاقتصاديات الكبري العالمية في حين أن وتيرة عجلة الاقتصاد به تسير أسرع من التنين الصيني.
نمى الاقتصاد الهندي بنسبة 7.5% خلال عام 2014 مقارنة بالصين التي نمت بـ 7.3% وهي أقل نسبة نمو خلال 24 عام منذ 1990.
قادت حركة التحرير الاقتصادي عام 1990 والذي أطلقته الحكومة آنذاك، مما ساعد على تحقيق أثار إيجابية في القضاء على ما يسمى باحتكارات القطاع العام، وسمحت لرؤوس الأموال الأجنبية بالدخول المباشر في العديد من المجالات داخل البلاد.
و منذ ذلك الوقت، برزت الهند كأحد أغنى الاقتصاديات في العالم النامي، و خلال هذه الفترة نمى الإقتصاد بشكل ثابت مع وجود عدد قليل من المشكلات الاقتصادية الهامة، و صاحبت ذلك زيادة في متوسط عمر المتوقع للفرد، و ارتفاع معدلات التعليم، و الأمن الغذائي في الوقت الذي تضررت معدلات الهند الائتمانية بسبب تجربتها النووية في عام 1998.
ومن هنا بدأت الصورة الواضحة وزيادة التوقعات تجاه قدرة الاقتصاد الهندي في دخول منعطف النمو والتطور. أشارت بعض التقارير التي أعلنت عن طريق وكلات التصنيف العالمية بأن الهند سوف تكون في المركز الثالث كأكبر اقتصاد عالمي بعد الصين خلال 10 سنوات.
يتشكل الاقتصاد في الهند على 3 قطاعات رئيسية وهم:
وجاء قطاع التكنولوجيا والأعمال علي رأس أكبر القطاعات نمواً حيث يتميز قطاع العمالة في مجال التكنولوجيا بالمهارات والكفاءة العالية وذو خبرة جيدة وأيضا الإجادة في اللغة الإنجليزية.
ومن الواضح لدينا خلال الفترة الحالية أن هنالك ارتفاع في الطلب الخارجي من قبل الشركات العالمية علي العمالة الهندية في قطاع الأعمال والتكنولوجيا.
تراجعت نسبة مساهمة القطاع الزراعي تدريجياً في عجلة تنمية الاقتصاد حيث كان يساهم بما يعادل أكثر من 50% من معدل الناتج المحلي الاجمالي خلال عام 1950، هذا دليل علي تنويع وتغيير استراتيجية الحكومة في الهند والتركيز علي قطاعي الخدمات والصناعة إلى أن يصبحوا أكبر مصادر إيرادات الدولة وذلك بعد حركة التحرير الاقتصادي التي تمت خلال عام 1990. ولكن لا يزال قطاع الزراعة يحتوي علي أكبر نسبة من القوى العاملة.
وجاءت نتائج فوز الحكومة الحالية بالسُلطة بإتخاذ إجراءات حازمة واتباع برنامج اقتصادي إصلاحي جيد، وسريعا ما انعكس ذلك على أداء البورصة في الهند التي سجلت عوائد بنسبة 30% في الفترة من أبريل حتي ديسمبر الماضي، وصُنفت من أفضل أداء الأسواق المالية في العالم، ويرجع هذا نسبياً للمستثمرين الأجانب الذين أبقوا توجههم نحو شراء الأصول المالية في الهند، بالإضافة إلي استقرار عملة الروبية أمام الدولار وتوسعات البنك المركزي في الاحتياطيات الأجنبية لديه إلى 327 مليار دولار بنهاية شهر يناير الماضي.
تحليل رائع