تلعب الحكومات دوراً شديد الأهمية في حياة المجتمعات، فهي تحدد وترسم ملامح الدولة بأنظمتها المختلفة، وقطاعاتها المتنوعة، والحفاظ على كيانها داخلياً وخارجياً، وهي مهمة شاقة ولا شك بحاجة إلى رجال تكنوقراط قادرون على إدارة الشؤون كافة، من خلال الرؤية المستقبلية، واستبصار الغد، ودراسة الماضي أيضاً.
إن الحكومات على المستوى الاقتصادي الذي يعد أحد الجوانب المهمة منوط بها دوران أساسيان هما النمو، والتنمية.
وفرق كبير بين المصطلحين، فالتنمية تعني عملية التغيير الشاملة التي تضم قطاعات الدولة وكل جوانب الحياة،أما النمو فيهدف إلى زيادة الإنتاج من سلع وخدمات عبر سلسلة من القرارات الإدارية والهيكلية.
لكن فشل الحكومة يعزى إلى عدم قدرتها على تنفيذ الخطط والأهداف، وهو ما يلقي بظلاله على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أيضاً.
ولا عجب أن الإدارة العامة بمعناها الواسع تعد قاسماً مشتركاً لكل جوانب الحياة، فتراها حاضرة بقوة في الحياة السياسة، وشريكة في الحياة الاجتماعية، حتى في ميدان المعركة والحرب، لصناعة القرار الاستراتيجي.
إن الفشل الحكومي في الوصول إلى النمو والتنمية هو النافذة التي ينسل منها المغرضون وأصحاب الأجندات السود بحجة دفاعهم عن المهمشين من الطبقات الدنيا والمستضعفين، وهذا ما يخلق معارضة وجبهات مناهضة للحكم.
لكن إذا كفلت الدول لشعوبها مستوى من الرفاهية، والعيش الكريم، فلا يمكن لأحد أن ينبس ببنت شفة.
ربما يستمر التحرش السياسي بالدولة، ولكن لن يخلق حالة الغليان بين صفوف الجماهير، وسيبحث المتربصون آنذاك عن ورقة أخرى ليلعبوا بها، أو لحن يعزفون عليه.
إن الحراك الثوري في العالم يشتعل بدوافع وجيهة، ومنطقية منها سوء الأحوال المعيشية، لذلك فالثورات التي تعد عملاً سياسياً بحتاً، في الأغلب لها منطلقات وأهداف اجتماعية واقتصادية إلى جانب أهداف أخرى بالطبع.
إن مصر مثلاً، لم تكن على أعتاب ثورة أو انتفاضة، والذين خرجوا في الأيام الأولى كانوا قلة لولا أن مطالبهم صادفت هوى لدى أغلبية الشعب المسحوق تحت نير العوز والحاجة.
فالشعوب غالباً، وسواد الناس لا يعترضون كثيراً على أنظمة الحكم مهما بلغت دكتاتوريتها، ولكنهم مستعدون للتضحية بأنفسهم من أجل إطعام أبنائهم. في الثورات العربية فتش دائماً عن رغيف الخبز.