لا يختلف اثنان على متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على النمو وتجاوزه تحديات الاعتماد على مصدر الدخل الأحادي الذي أعني به البترول في ظل تذبذب الأسعار التي مرت عليه، وإن كان صندوق النقد الدولي يتوقع ارتفاعا طفيفا يبدأ بـ «57» دولارا للبرميل في العام المقبل، ثم يتدرج لأن يبلغ سعر البرميل 65 دولارا في عام 2016، وهكذا متدرجا في السعر حتى يبلغ 72 دولارا في عام 2019.
إن السياسات التي اتبعتها الحكومة على مدى السنوات الماضية، كانت مستوعبة لمثل هذه التحديات، لذلك عملت بشكل مواز على تعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة، واتجهت نحو تعزيز تنويع الاقتصاد من خلال تشجيع الاستثمار الأجنبي وفتح السوق له على مصراعيه، فضلا عن سياسات تحفيزية أخرى تتعلق بتسريع نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مختلف النشاطات والمجالات من بينها الصناعات التحويلية والصناعات التقنية والتكنولوجية بجانب تنشيط القطاع الزراعي وقطاع المقاولات ليواكب حاجة البلاد للمضي قدما في تنفيذ مشاريعها التنموية العملاقة وغيرها.
ولكن يبدو أن التشكيل الوزاري الجديد للحكومة، فطنة ذات أبعاد استراتيجية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - لتفعيل توجه الدولة نحو تعزيز دفع العملية الاقتصادية التنموية نحو مزيد من الازدهار في العهد الجديد، وهذا يشير بجلاء إلى أهمية تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي بشكل أكثر نجاعة وفاعلية لتأتي أكُلها في وقت تعاني الاقتصادات في منطقة الشرق الأوسط واقتصادات منطقة اليورو وغيرها من الاقتصادات ترنحا في نموها ويواجهها عدد من المشكلات، وبالتالي أتوقع أن يشهد العام 2015 ثمرات زيارات الملك سلمان بن عبدالعزيز الأخيرة لبعض البلاد، بزيادة التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة معها وإنفاذ مزيد من سياسات التنويع الاقتصادي.
إن التشكيل الحكومي الجديد، بطبيعة الحال تتبعه سياسات وتشريعات تدفع بالاقتصاد نحو النمو من حيث الإنتاج وزيادة الصادرات وتسهيل الواردات، خاصة أن الملك سلمان حرّك العلاقات الاقتصادية جنبا إلى جنب مع الملفات السياسية بين السعودية وجميع الدول التي زارها - أخيرا - ومنها فرنسا وباكستان والصين واليابان والهند وغيرها من البلاد التي بحث مع قادتها سبل تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات كافة.
فهي تأتي في سياق مواجهة مستجدات المتغيرات التي خيّمت على الاقتصادين الإقليمي والدولي، لجعلها أكثر بلاد المنطقة توازنا في تعاطيها مع هذه المستجدات ومنها تذبذب أسعار البترول، حتى تثمر عن أداء إيجابي يطمئن المستثمر الأجنبي، ويزرع فيه الثقة حول إمكانية استدامة النمو الاقتصادي دون دعم حكومي.
نقلا عن اليوم