إن الهـدف الأسمى من وراء إيجاد صندوق متداول مدرج في سوق ثانوي ، هو تخفيض وتقليل أكبر قدر ممكن من درجة المخاطر مقابل الاستثمار في أسهم محددة ، ما يعني أن الاستثمار في أسهم قيادية أو دفاعية أو تندرج تحت قطاع أو فئة استثمارية محددة سيكون ذلك محسوب بدرجة المخاطرة التي تتطلب دراسة الغطاء الأرضي والجوي معا لذلك الاستثمار ، أي دراسة الأسهم دراسة فنية وأساسية ، وهذا يتطلب جهد كبير ومتواصل قد لا يمكن لذلك أن يتم من خلال السواد الأعظم من المتعاملين في أسواقنا المحلية وهم فئة المستثمرين الأفراد تحديدا ، في ذات الوقت فأن مستوى المعلومات المتدفقة ، تلعب دور كبير في عملية اتخاذ القرار أن كان القرار استثماري أو مضاربي ، هنا أشير إلى قرارات الأفراد تحديدا.
أن نظرية السوق الكفء ما تزال موضع جدل ، حيث أن تعليق المتابعين لما يدور حول تسعير الأسهم ومدى انعكاس تلك الأسعار على المعلومات المتوفرة والقائمة ما تزال موضع نقاش ، لذلك ، ما يميز صناديق التداول والمؤشرات المتداولة ETFs هي أنها تستطيع أن تغطي الجانب الأكبر من المعلومات التي بحاجة لها كافة المتعاملين في السوق الثانوي من مستثمرين أفراد أو مدراء صناديق محترفين ، حيث الإعلان عن التغير في تركيبة المحفظة الاستثمارية لمؤشر الصندوق المدرج في جميع الأوقات، وتغيير جغرافية الأسهم ، وتغير أسعارها المباشرة في السوق الثانوي ، كل ذلك ساهم في إيجاد سوق رائج لهذه الأداة في السوق الأمريكي تحديدا.
من المفارقات العجيبة ، أن صندوق SPY وهو صندوق متداول ETF يحاكي حركة مؤشر S&P500 والمدرج في السوق الأمريكي يمتلك هذا الصندوق 20% من الأسهم القائمة لكل شركة في المؤشر المتداول ، ما يعني أن الصندوق يلعب دور صانع سوق بشكل غير مباشر من خلال استثماره وتملكه حصص من أسهم تنحدر تحت مظلة الصندوق المتداول !
سوق الأسهم السعودية يتميز بوجود ثلاثة صناديق متداولة ETF مـدرجة في السوق الثانوي ، ويحسب لهيئة السوق المالية السعودية الدور في وجود تلك الصناديق ، بالإضافة إلى قناعة مدراء الصناديق الذين أسهموا في خلق وإدراج تلك الصناديق ، والسؤال الذي يحتاج إلى بحث وتقصي : ما هو سبب عدم قابلية وجاذبية تلك الصناديق المدرجة في سوق الأسهم السعودية إلى المستثمرين ، أفراد وشركات تدير صناديق ومحافظ ؟
أعتقد ، أن الشركات التي قامت ـ مشكورة ـ بإدراج الصناديق الثلاث في السوق السعودي ، لم تقم بالدور الكافي في تسويق فكرة صناديق ETF حين تم طرحها ، ليس فقط على مستوى الأفراد ، بل حتى على مستوى مدراء الصناديق والشركات التي تدير محافظ استثمارية كبيرة ، وهذا هو جواب لسؤال المقال السابق كما أعتقد ، إذ أن ثقافة المستثمر تحتاج إلى دور غير طبيعي يمارس من قبل الشركات المرخصة، هذا بالإضافة إلى مساهمة هيئة السوق المالية وشركة تداول في تسويق تلك الأدوات الاستثمارية لعموم المستثمرين.
اليوم ، سوق الأسهم السعودية مقبل على فتح المجال للتداول المباشر من قبل المستثمرين الأجانب ، وهؤلاء المستثمرين قد اعتادوا على أنماط وأشكال وأطياف من التداول والأدوات الاستثمارية في أسواق مختلفة من بينها استغلال خاصية الصناديق المتداولة ETFs المدرجة ، أرى أن المستثمر الأجنبي حين يجري تقييم لجميع زوايا سوق الأسهم السعودية ، سيعلق سلبا بعدم وجود حركة إيجابية سابقة على الصناديق المتداولة المدرجة في السوق الثانوي.
نسمع بين الحين والآخر ، عن ضرورة إيجاد صانع سوق ( حكومي ) ، وهذه المطالب تأتي من جميع أطياف المتعاملين في سوق الأسهم ، وهنا أدعو إلى التفكير بشكل مختلف ، ما المانع من إنشاء صندوق يدار من عدة مدراء صناديق MULTI FUND MANAGERS ، يكون هدف ذلك الصندوق هو الاستثمار المباشر في صناديق الأسهم والمؤشرات المتداولة المدرجة في السوق الثانوي ؟ ويرتفع مستوى التفكير إلى قيام أولئك المدراء في إنشاء صناديق متداولة جديدة ETFs ، كل صندوق يحاكي حركة قطاع محدد ، فيتم خلق وإيجاد صندوق متداول لأسهم قطاع الرعاية الصحية وآخر للبنوك ، ولا بأس في إنشاء صندوق متداول للصكوك والسندات ، وقد يخرج لنا مدير صندوق بإيجاد صندوق ETFs يستثمر في المساهمات العقارية ، وهكذا حتى يكون تداول أسهم (صناديق) قطاع الصناديق المتداولة جزء لا يتجزأ من عمليات التداول اليومية ، ستساهم بكل تأكيد في رفع أحجام التداول وجاذبية السوق الثانوية.
الدعوة ، والافتراض الذي أنطلق إليه سيساهم بنشر ثقافة الاستثمار في الصناديق المتداولة ETFs إلى المستثمر المحلي القائم، لاسيما إلى المستثمر الأجنبي القادم الذي كان قد اعتاد عليها في أسواق ثانوية عالمية.
ادعوا إلى ذلك ، ونحن ننتظر قرار فتح الباب للاستثمار المباشر من قبل الأجانب ، وننتظر طرح أدوات استثمارية جديدة مهمة لدعم متانة وكفاءة سوق الأسهم السعودية ، كالتداول على المكشوف SHORT SELLING ، وشراء الشركات أسهمها BUY BACK SHARES ، وتداول الخيارات OPTIONS.
قطاع الصناديق المتداولة ETFs في سوق الأسهم السعودية ، ستكون حافلة في النشاط آجلا أم عاجلا ، وسنرى اهتمام واسع من مدراء صناديق في قادم الأيام ، حتى ذلك الحين : أدعوا الجميع إلى التفكير الجاد في هذا القطاع المهم والحيوي في سوق الأسهم السعودية.
التوعية ليست المشكلة، هناك مشاكل كثيرة في طريقة عمل هذه الصناديق لم تتطرق إليها، وهي سبب عدم إقبال الناس عليها.