ستظل الميزانية العامة القطرية الجارية التي ينتهي العمل بها في 31 مارس القادم في حالة فائض حتى لو انخفض سعر برميل النفط إلى 50 دولاراً.
فالمعروف أن تقديرات الموازنة قد بُنيت على أساس أن تحقق فائضاً مقداره 7,5 مليار ريال إذا ظل سعر النفط عند مستوى 65 دولاراً للبرميل.
وقد ظل سعر خام الأوبك فوق هذا المستوى بالفعل لمدة 8 شهور من الأول من أبريل وحتى نهاية الأسبوع الماضي 5 ديسمبر، ولكنه تراجع دونه إلى 60,5 دولار للبرميل يوم الخميس 11 ديسمبر. ووفقاً لتقديراتنا الخاصة فإن فائض الميزانية العامة حتى 5 ديسمبر يقدر بنحو 30 مليار ريال.
وبافتراض ظل سعر البرميل عند مستوى 60 دولاراً للبرميل حتى نهاية مارس فإن الميزانية ستظل في حالة فائض يزيد عن 25 مليار ريال، مع إمكانية تراجع الفائض إلى أقل من ذلك لو تراجع سعر البرميل إلى أقل من 60 دولار.
الجدير بالذكر أن فائض السنة السابقة المنتهية في مارس 2014 قد بلغ نحو 115 مليار ريال، ولكنه سيتقلص بشدة في ميزانية العام الحالي نتيجة تراجع أسعار النفط، وتراجع الكميات المصدرة أيضاً، إضافة إلى زيادة النفقات العامة عن السنة السابقة.
وبالنظر إلى أن أسعار النفط مرشحة للبقاء في حالة انخفاض وتراجع نتيجة اختلال ميزان العرض والطلب، ووجود فائض في المعروض يزيد عن مليون برميل، لذا فإن الميزانية العامة القطرية القادمة ستكون في حالة عجز لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان إذا لم يتم تدارك ذلك بعمل مراجعة جادة لخطط وبرامج الإنفاق الحكومي للسنة الجديدة.
وبالطبع يتوقف مستوى العجز المتوقع على متوسط سعر النفط في السنة القادمة، أي على ما إذا كان سيهبط دون الخمسين دولاراً للبرميل أم يظل فوقها... ففي الحالة الثانية فإن العجز يكون في حدود 10 مليار ريال، إذا ما أمكن ضبط الإنفاق عن طريق تأجيل أو إلغاء تنفيذ البرامج غير الملحة.... ولكنه سيكون أكبر من ذلك إذا انخفض السعر دون 50 دولار للبرميل، وقد يصل إلى 20 مليار ريال أو أكثر إذا ما اجتمع انخفاض السعر مع انكماش في الكميات المنتجة من النفط، مع عدم تنفيذ الضبط المنشود للإنفاق.
وبنظرة على بنود الإنفاق الحكومي سنجد أنها تتوزع ما بين الرواتب والأجور وما في حكمها، وهذه بلغت في السنة الأخيرة 13/2014 نحو 41,7 مليار ريال مقارنة بـ 21,6 مليار في العام 09/2010.
أي أنها قد تضاعفت في غضون 5 سنوات نتيجة عمليات التوسع في التوظيف وزيادة رواتب العاملين. ومن الصعب تصور إجراء تخفيضات على هذا البند، وإنما يمكن العمل على عدم التوسع فيه قدر الإمكان.
وهناك بند نفقات مصنفة على أنها نفقات جارية أخرى، دون تحديد لمكوناتها، وقد طرأت على مخصصات هذا البند زيادة كبيرة في العامين الأخيرين بحيث بلغ قرابة المائة مليار ريال في العام 13/2014 مقارنة بأقل من نصف ذلك في العام 09/2010.
وارتفعت النفقات الإنمائية إلى 68,4 مليار ريال في عام 13/2014 مقارنة بـ 39,3 مليار ريال قبل 5 سنوات، مع ملاحظة أن هذا البند قد لا يمكن خفضه نظراً لما تتضمنه خطط التنمية الجاري تنفيذها من مشروعات تتعلق بتحديث وتطوير البنى التحتيه أو بمشروعات التحضير لاستضافة كأس العالم عام 2022.
ولوحظ أيضاً أن فوائد الدين العام قد تضاعفت إلى قرابة 10 مليار ريال، وإن عادت إلى الانخفاض في السنة 13/2014 إلى 7,5 مليار ريال.
وخطورة هذا الرقم تتمثل في إمكانية تزايده إذا ما عادت معدلات الفائدة إلى الارتفاع عن مستوياتها المنخفضة جداً، أو إذا ما زاد حجم الدين العام.
كانت هذه نظرة سريعة على معطيات فائض الميزانية العامة للدولة الذي قد يتحول إلى عجز في السنوات المالية القادمة، إذا ما استمر التراجع في أسعار النفط إلى 50 دولار للبرميل أو أقل،، مع ملاحظة أن هذا العجز لن يكون كبيرا في الغالب، ويمكن تغطيته من الفائض الذي يتحقق في السنة الجارية 14/2015.
كما أن الجهود التي ستبذل في مجال ترشيد الإنفاق العام وضبطه ستساعد على مواجهة التحديات الجديدة والتغلب عليها.
ويظل في بعض ما كتبت رأي شخصي قد يحتمل الصواب والخطأ،،، والله جل جلاله أجل وأعلم.