استكمالا للحديث الذي تناولناه في مقالين عن التعاون العربي وأثره على الاقتصاد من خلال رؤية تقرير مدير عام منظمة العمل العربية بعنوان «التعاون العربي وآفاقه لدعم التشغيل»، ندرك على أية حال أن الدول العربية رغم وجود قاعدة مساعدة لنمو اقتصادي مستقر فيها، أن هناك ثروات مهدرة أو يساء استغلالها او قد لا تتمكن بعض البلدان من الاستفادة منها، وهي موزعة بشكل عشوائي فطري أو مكتسب، ولكنه غير منظم، ويمكن استغلالها بالتعاون والمشاركة عبر استراتيجية توزع فيها الاحتياجات والموارد المتاحة، للحصول على نتائج لبناء اقتصاد اتحادي قوي ومتمكن، فهناك رساميل متدفقة في أسواق عربية وهناك كوادر وموارد بشرية وكفاءات تتميز بها بعض الدول العربية، وأخرى لديها مدخرات في المواد الخام والمحاصيل الزراعية والمعادن أو الاراضي، وهناك الكثير من الاسواق الاستهلاكية.
وشددت توصيات التقرير على التعاون العربي الذي حان قطافه، وركزت على نقاط يمكن الاستفادة منها لتحقيق التعاون المطلوب كحثها على تحسين البيئات الاقتصادية المحلية وتعزيز المناخ الاستثماري وإعطاء القطاع الخاص دورا اكثر فاعلية وجعله شريكاً حقيقيا للحكومات، وتحويل العبء الديمغرافي في البلدان العربية الى عامل تنمية والاستفادة من التجارب الآسيوية الاقرب لمجتمعاتنا.
ولعل ابرز التوصيات هو استثمار الايدي العاملة ذات الكفاءة والموارد البشرية المؤهلة باعتماد مبدأ المنافسة، وبمعيار الجودة لا التكلفة في التوظيف، وهذا الامر في نظري يتطلب ثقافة لسوق العمل العربي يستوعبها المجتمع والقطاع الخاص من خلال برامج حكومية تصب في هذا الهدف.
كما أوصى التقرير بالتوجيه للاستثمارات البينية في قطاعيّ الصناعة والزراعة المهمشان، فالقطاع الزراعي لا يتعدى الواحد بالمئة، في حين لا تجذب المشاريع الصناعية المستثمرين العرب، وتعتمد الاستثمارات البينية العربية على قطاعات سريعة الربحية كالسياحة والتجارة والعقارات، لا يستفاد منها كثيرا.
وأخيراً أقف عند توصية «حث ودعم القطاع الخاص العربي على الاستخدام الامثل للعمالة العربية وتوظيفها.. هذا التوجه يحد من هدر الطاقات البشرية المعطلة ويحول البيئة الاقتصادية العربية من بيئة طاردة للكفاءات كلفت الوطن العربي خسارة باهظة الى بيئة جاذبة لبناء تنمية قوية»، فهناك عقول عربية مبدعة وهي أكثر ولاء وحرصا من الاجانب، بيد أن توظيف العرب في وظائف سيادية او ادارية عليا او اعطاءهم فرصة عمل تثير التمايز المنفر بين المواطنين والعرب كل في بلده، وتجعل بيئة العمل صعبة، ما يؤدي الى امتعاض الحكومات وتثاقلها في توظيفهم، ولا يمكن فهم هذه الظاهرة.
التقرير يحوي أفكارا أفرد لها اوراقا واستعان بأخصائيين واعتمد فيها على دراسات وإحصائيات، واشتمل على نقاط مبتكرة، وكل ذلك يمكننا وصفه بأنه «جميل» حتى ينفذ، لأننا ندرك ان التقرير كسابقه سيبقى مجرد تقرير، فنحن الى الآن لا نملك شجاعة التنفيذ أو الرغبة في الدخول بتكتلات تبني اقتصادا صلبا.
نقلا عن اليوم
http://www.mo3lme.com/vb/t22761.html