يشهد تقرير حديث للمدير العام لمنظمة العمل العربية بعنوان «التعاون العربي وآفاقه لدعم التشغيل» على أن «اتساع الفجوة بين قوى الإنتاج المعطلة وطموحات الشباب على المستويين الوطني والقومي من ناحية، وعدم المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات القطاعات الاقتصادية بحكم تطور نظم العمل وأشكال الإنتاج من ناحية ثانية» قد يؤدي إلى انتكاسة كبيرة تطال أقطارًا عربية، ولفت إلى أن ذلك يستوجب مقاربة استراتيجية جديدة تعالج في العمق قضايا العمل والتشغيل العاجلة، وترصد التطورات المستقبلية اجتماعيًا واقتصاديًا ومعرفيًا.
التقرير مفيد في مضمونه وهو يعترف أن سبب الحراك الشعبي العربي في ثوراته التي اندلعت منذ 2011 أحد أسبابها الأساسية تفشي ظاهرة البطالة وبقوة في الفترة الأخيرة مسببة «تراكمات متعددة الأبعاد» بحسب الوصف، بيد أنه -التقرير- يرى أن العلاج ليس اقتصاديًا فقط كما نراه من زوايا محلية في أسواقنا الصغيرة، إنما يراه في نجاح الاتحاد العربي من خلال منظومة تعاون صلبة تشمل كل الدول العربية وامتزاج قطاعاتها الاقتصادية والاجتماعية، بل بات هذا التعاون بحسب الوصف الذي في التقرير «ضرورة لا جدال فيها» لأسباب منها:
الاستجابة لاستحقاقات اجتماعية، والحد من البطالة، وتقليص معدلات الفقر، وضمان العدالة الاجتماعية، وكذلك لمواجهة ارتباكات ومخاطر العولمة، وجعل الميزات التفضيلية للأقطار العربية ميزة تكاملية تحقق الكسب المتبادل بينهم، ولا تكون مورد اختلاف وتفرقة.
ينوه التقرير وبشيء من «التقريع» إلى إهمال تنفيذ استراتيجية العقد العربي للتشغيل (2010-2020)، والتي سبق وتحدثت عنها من قبل، وهنا اقتبس التالي «خارطة الطريق لمستقبل التشغيل متوفرة وحصل حولها توافق فني على مستوى الخبراء العرب والأطراف المعنية أولًا، وإجماع سياسي عربي على مستوى القادة العرب ثانيًا. وما ينقصها حينئذ إلا التفعيل والتنفيذ الجاد. ذلك أنه تم التأسيس لهذا التمشيّ المستقبلي بشكل استباقي في إطار العقد العربي للتشغيل (2010-2020) الذي طرحته منظمة العمل العربية، ووضعت له أهدافًا استراتيجية محددة آلات مباشرة لقرارات عربية ملزمة» انتهى.
وتهدف الاستراتيجية المتكاملة إلى تخفيض معدلات البطالة بمقدار النصف في كل دولة عربية، وتيسير تنقل العمالة العربية بين الدول العربية، ورفع معدل نمو الانتاجية بنسبة 10%، ونسب الملتحقين بالتعليم التقني والمهني إلى 50%، وفق ما جاء في الاستراتيجية.
ما زلنا نتحدث بصوت مبحوح نفقد أثره مع الزمن عن ضرورة معالجة أزمات البطالة التي تؤدي بكل الأحوال إلى أزمات كالتي طالت بعض الدول، ولكن يبقى «الطبع يغلب التطبع» في دولنا العربية، وتبقى كل المعالجات مجرد حبر على ورق بل إن هذا «الحبر» أسهل في إزالته من تنفيذ تلك الضرورة على ما يبدو ... ولنا متابعة.
نقلا عن اليوم