تدمير الاقتصاد العربي

09/03/2025 0
علي المزيد

دائماً ما يطرح سؤال: لماذا لا يتطور الاقتصاد العربي؟ قبل أن أحاول الإجابة عن هذا السؤال دعوني أقول إن الأمن في الدول العربية في أسوأ أحواله لتصنف بعض الدول العربية «دولاً فاشلةً»، من سوريا إلى لبنان إلى السودان، والحبل على الجرار للأسف، فمن «ثورات العسكر» بعد الاستقلال إلى «الربيع العربي».

وهذه سوريا بعد نظام المخلوع وأبيه تعاني هذه الأيام من تموضع فلول النظام السابق في محيط اللاذقية، منطلقةً من القرداحة ومحتمية بجبل صلنفة ومتخذة من وعورة المكان سبيلاً للتحصين، وأنتم تعرفون قبلي أن القرداحة مسقط رأس والد الرئيس المخلوع بشار، وما دمت في ذكر سوريا مع رجائي أن تقضي الشرعية على فلول النظام السابق، ففي عهد النظام السابق كانت الوظائف التي تدر دخلاً مثل مراقبي الجمارك، والشرط، ومنافذ الحدود والمطارات تباع من قبل المسؤولين للموظفين بمقابل مادي، نظير غض النظر عن الرشاوى التي يتقاضاها الموظف، وقد كان لعائلة الأسد ميناء خاص في محافظة اللاذقية تمر عبره البضائع المهربة، وهذا غيض من فيض، وقد بدأتُ بالأسهل وأكتفي بذلك، وما وجود فلول النظام السابق وقتالهم في محافظة اللاذقية الآن إلا محاولة للرجوع لامتيازاتهم السابقة، مع توقعي بفشل هذه المحاولة لعدم وجود غطاء شعبي لها أو غطاء إقليمي ودولي سوى دعم دولة إقليمية واحدة أصبحت منبوذة، وأكتفي بهذا القدر فيما يخص سوريا لأن الشعب السوري شعب يعمل بجد، وقد نجح السوريون في الاستثمار الجيد بالبلدان التي أجبرهم للهجرة إليها المخلوع ونظامه، وجاءت نجاحاتهم ممهورة بأختام مواطني الدول التي هُجِّروا إليها قسراً.

وفي ليبيا، وقت القذافي، يحكي ليّ مدرس فلسطيني عمل في ليبيا ثم عمل في السعودية، أن القذافي أفسد النظام الاقتصادي بنظامه الذي لا تعرف ماهيته، فلا هو اقتصاد رأسمالي ولا هو اقتصاد اشتراكي. ويذكر المدرس أنه حدث لسيارته حادث واحتاج قطعة معينة لسيارته، ونتيجة التأميم، أصبح البائع موظف دولة يقبض مرتبه آخر الشهر، فإذا سُئل عن قطعة، فأسهل جواب أن هذه القطعة ليست موجودة، لأن لا دافع لديه للبيع. ويستطرد المدرس: لم أحصل على القطعة إلا بعد توسطي ببعض أقارب البائع مع دفع الثمن طبعاً.

أما ثالثة الأثافي، فهي ما ذكره حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، حين طلب منه القذافي أن يبني مولاً في ليبيا على غرار مولات دبي، يقول والكلام للشيخ محمد، انسحبت من المشروع لأن الرشاوى التي طلبت منا من قبل المتنفذين في ليبيا ذلك الوقت كانت مثل تكلفة المول، وكانت التكلفة المقدرة بمئات الملايين، بمعنى أن المشروع لم يعد ذا جدوى للمستثمر.

وفي السودان، يكفي تلك القصة عن الملياردير السعودي الذي ذهب للسودان ليستثمر في الزراعة بدافع مصلحة أهل السودان، وفعلاً استثمر، لكنه فوجئ بمن يرغب في مشاركته من المتنفذين رغم أن مشروعه شبه خيري، ولقوة شكيمة الملياردير السعودي قرر أن ينسحب من الاستثمار ويتحمل الخسائر رافضاً تسليمه للمتنفذين.

هل اتضحت لكم أعزائي القراء الكرام أسباب تدهور اقتصادنا العربي؟ رغم أن ما ذكرت غيض من فيض، ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط