تحتل مشاريع الإسكان في خطط التنمية الخمسية للسلطنة موقعا مهما، وأن الاستثمار فيها يؤدي إلى النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي، وتؤثر مشاريع الإسكان في تطوير البنى الأساسية للاقتصاد، ويعتمد التخطيط الحضري على المنهجية التي تخطط وتنفذ مشاريع الإسكان العامة والخاصة، فتأخذ المدن هويتها وشكلها من جملة ما يضاف سنويا من مشاريع الإسكان.
يضاف إلى ما تقدم أن العقارات ( تشييد وبيع وشراء وتأجير) سواء أكانت مساكن أو عمارات خاصة أو تجارية وكذلك الأراضي بمختلف استثماراتها تُعدّ من أهم الأنشطة في الاقتصاد العماني.
بقي سوق العقار في السلطنة أقرب إلى الركود، وأن ما شهده من نمو خلال السنوات الثلاث (2011 ـــ 2013) جاء بسبب السياسة التوسعية لوزارة الإسكان في شمول معظم مواطني السلطنة بتوزيع قطع الأراضي السكنية ، وبقيت أسعار الأراضي غير المشيدة والوحدات السكنية والتجارية المشيدة راكدة ، وشهدت أسعار تأجير الوحدات السكنية تراجعا منذ عام 2009.
منذ قفزة أسعار العقارات التي شهدها العامان 2006 و2007 ثم إنهيارها بحلول عام 2008 ، وبقيت شبه راكدة أو تنمو ببطء بعد ثمانية أعوام من أزمة 2008.
وهذا هو واقع حال سوق العقار في السلطنة في الربع الأخير من عام 2013. ويختلف الطلب على العقارات سكنية،أو تجارية أو حكومية من محافظة لأخرى في السلطنة ، فحيث يتركز السكان والأنشطة الاقتصادية في المحافظات التي يبلغ تعداد سكانها أكثر يرتفع الطلب على العقارات بالتناسب مع نمو الفعاليات الاقتصادية .
وهكذا فإن أسعار العقارات بأنواعها كافة في نهاية 2013 م لم تختلف كثيرا عما كانت عليه عام 2012 وقبلها ويتوقع أن تبقى مستقرة خلال 2014 وذلك للأسباب التالية :
- عدم تناسب من المستوى العام للدخل الفردي فالعقارات بيعا وتأجيرا لا تزال أعلى من الإمكانيات المالية لمعظم المواطنين ، ويتوقع أن تبقى راكدة لتتعادل مع متوسط الدخل الفردي لجملة سكان السلطنة.
- إن تنفيذ الأوامر السامية بتوحيد جدول الرواتب والذي رفع قدرة الإنفاق في دخول المواطنين سيمكن عددا غير قليل من موظفي القطاع الحكومي من الاتجاه لتشييد مساكنهم الخاصة ، وقد يكون لذلك تأثير على حركة تأجير المرافق السكنية خلال السنوات المقبلة.
- السبب الآخر هو أن القطاع الخاص الذي يشغل أكثر من مليون ونصف المليون شَيَّد عمارات سكنية خاصة للقوى العاملة الوافدة في منشآته بعد ارتفاع أسعارها، ووجد رجال الأعمال أن امتلاك عمارات سكنية أجدى من تأجيرها لإسكان العاملين الوافدين في منشآتهم.
ولم يقتصر الأمر على شركات القطاع الخاص، فالمؤسسات الحكومية تنبهت إلى أن الأسعار الخيالية التي شهدتها أسعار العقارات خلال الأعوام 2006 و2007، أن تبني وتتملك وحدات سكنية للعاملين لديها أكثر جدوى وأفضل استثمارا من الإعتماد على التأجير، وهكذا شهدت الأعوام من 2009 إلى 2013 تناميا في عدد مشاريع الإسكان التابع للشركات على حساب العمارات والوحدات السكنية التي كانت مؤجرة.
- يتواصل الإستثمار في القطاع العقاري، فمنذ 2010 وحتى نهاية 2013 منحت رخص التشييد لمئات من العمارات السكنية والتي تواصل تشييدها خلال 2014 الأمر الذي يجعل المعروض من العقارات السكنية أكبر بكثير من الطلب. وإن هناك عددا غير قليل من الوحدات السكنية المعدة للإستثمار في طريقها إلى التشييد.
ولمعرفة المزيد عن واقع سوق العقار في السلطنة يمكن تبينه من السلسلة الزمنية القصيرة 2007 و2008 و2009 وهي السنوات التي شهدت خلالها أسعار العقارات ارتفاعات متوالية أدت الى ما هي عليه منتصف عام 2013 وما يمكن أن تكون عليه على المدى المتوسط.
ففي قسم (الإسكان) من الكتاب الإحصائي السنوي الإصدار 41 2013 ورد فيه أنه تم منح 31691 إباحة بناء سكنية عام 2011، ومنح 13113 إباحة بناء سكنية عام 2008، وفي عام 2009 تم منح 14504 إباحات، وتوالى تصاعد حركة تشييد المرافق السكنية عامي 2010 و2011، بمعنى أن حركة تشييد وبناء المرافق السكنية كانت ترتفع مستجيبة للطلب المتنامي على العقارات السكنية المشيدة،فبعد أن سجلت تصاعدا بنسبة 38.5% في عام 2008، قفزت هذه النسبة إلى 64.7% عام 2009.
وهكذا أضيفت أعداد من الوحدات السكنية التي شيدت للاستثمار، سواء بيعا أو تأجيرا فتضاعف المعروض من الوحدات السكنية ، فتراجعت أسعار العقارات منذ منتصف عام 2008.
* وخلال سنوات الأزمة المالية العالمية تراجعت معظم أسعار مولد البناء الأمر الذي شجع المواطنين الذين يمتلكون قطع أراض إلى تشييدها سكنا خاصا أو استثمارا، وبذلك تقلّص الطلب على الوحدات السكنية إيجارا. كما لم يشهد تداولها( بيعا وشراء) تطورا ملحوظا.
وإذا كانت هناك عوامل أدت إلى ارتفاع أسعار العقارات للفترة بين عامي 2000 و2010 ، فإنها لم تعد قائمة ، فقد انحسر استثمار الخليجيين في السوق العقاري في السلطنة وتراجع طلبهم على شراء الأراضي والعقارات السكنية . كما توالى تنفيذ المشاريع الحكومية فضلا عن توسع أنشطة القطاع الخاص، أتاح سيولة نقدية متداولة كبيرة معززة بتوقعات في المزيد من ارتفاع أسعار النفط، وذلك دفع المستثمرين التقليديين ومستثمرين جدد لمزيد من الإقبال على الاستثمار في العقار فاتسع المعروض من الحدات السكنية مقابل قلة الطلب.
كما ان تنامي حركة تشييد وبناء الوحدات السكنية من قبل المواطنين العمانيين خلال عامي 2009 و2010 سببا مضافا إلى ركود التداول في القطاع العقاري بأنشطته بيعا وشراء وتأجيرا ، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال زيادة حجم القروض الشخصية التي منحتها البنوك التجارية للمواطنين ، إذ بلغت 4 مليارات و280 مليون ريال حتى نهاية عام 2010 ، بعد إن بلغت 4 مليارات و10 ملايين عام 2009 . وشكلت تلك القروض 40% من مجموع تسهيلات القروض كافة ( حسب البنك المركزي العماني).
* وإن كان لمكاتب السمسرة العقارية دور في ظاهرة تقافز أسعار العقارات خلال الأعوام 2007 و2008 في ظروف التضخم و على افتراض أن الأسعار ستأخذ مدى أوسع في ارتفاعها للأعوام التي تلت (2009 و2010 )، إلاّ أن السوق العقارية بعد منتصف 2008 بحلول الأزمة المالية العالمية وحتى الآن (منتصف عام 2011) بقيت راكدة .وأن أسعارها تفاوتت حسب نوع العقار فقطع الأراضي غير المشيدة تراجعت أسعارها بشكل كبير جدا بينما لم تتراجع أسعار المساكن بيعا وشراء وتأجيرا. وتراجع الطلب على مجمل العقارات منذ النصف الثاني من عام 2008، وبقيت أعداد كبيرة من المرافق السكنية المعروضة للتأجير غير مؤجرة ينتظر أصحابها عودة الأمور إلى ما كانت عليه عام 2007.
ويخطأ من يتصور أن سوق العقار قي السلطنة مماثل لأسواق العقار الخليجية، إذ يختلف سوق العقار في السلطنة عنه في سوقي السعودية والإمارات،إذ تختلف العوامل المؤثرة في تطور حركة العقار ركودا أو توسعا وأهم تلك العوامل الكتلة السكانية وحركة الاستثمارات المحلية والأجنبية، ولما كان المعروض الآني من العقارات بيعا وشراء وتأجيرا يفوق الطلب أضعافا فستبقى أنشطة القاع العقاري مستقرة إلى حين.
نقلا عن عُمان