بالرغم من كون ثورات الربيع موجهة من خارج الوطن العربي، إلا أن أسبابها تعددت، وهدف الربيع واحد، ويتمثل في تمزيقنا، لكن السبب الأهم في ثورات الربيع العربي كان الجانب الاقتصادي الذي يوفر الوظائف والحياة الكريمة للعرب العاطلين عن العمل، بل ويزيد من جودة الحياة المعيشية للعاملين منهم وأسرهم.
ومن الصعوبة توفير بيئة تحفز على خلق الوظائف؛ لأن النمو والاستقرار الاقتصادي لا يتوفران إلا عندما تستقر دول الربيع العربي سياسياً.
ولا شك بأن المستثمرين يخافون من ضخ المزيد من الأموال في اقتصادات غير مستقرة، بل إنهم يسرحون الموظفين ويجمدون التوظيف ويخفضون الأجور؛ لمواجهة خسائرهم.
ويكاد يكون معدل البطالة بين النساء أكثر منه بين الرجال؛ لأسباب اجتماعية وثقافية وربما دينية في بعض المجتمعات العربية.
والملاحظ، أن الدول العربية التي مرت بالثورات، زادت فيها البطالة بدرجة كبيرة. ولقد قلصت أو انهت بعض الشركات الأجنبية نشاطاتها في دول الربيع العربي؛ بسبب التراجع الاقتصادي، وأيضاً لخوفها على استثماراتها في تلك الدول.
وتأثرت سلباً قطاعات السياحة والترفيه والفندقة والطيران بسبب الثورات العربية في كل من تونس ومصر وسوريا ولبنان، وبالتالي فقد عدد كبير من مواطنيها وظائفهم، بل واصبح من الصعوبة خلق وظائف جديدة في ظل ظروف سياسية واقتصادية متقلبة وغير مستقرة.
التحديات الطارئة في الدول العربية التي مرت ولا تزال تمر بثورات، لا تشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية والسياح الأجانب والعرب إليها؛ لعدم استقرارها بالرغم من الحاجة لخلق الوظائف في مجالات عديدة ذات جدوى اقتصادية مشجعة.
وما الثورات العربية إلا بدوافع اقتصادية ساهمت فيها الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي لا يزال تأثيرها واضحاً على بعض الدول الصناعية المتقدمة، ناهيك عن تأثيرها المباشر وغير المباشر على الدول العربية التي لا تملك الموارد المالية لدعم معيشة سكانها في وقت الأزمات الاقتصادية.
ولخلق ما يقارب الثمانية ملايين وظيفة للباحثين عن العمل من الجنسين في الدول العربية، فإن الوضع يستوجب سرعة قيام الأنظمة السياسية القائمة في تلك الدول على تهيئة الاستقرار السياسي، الذي يؤثر في الاستقرار الاقتصادي، والذي يؤثر بالتالي في معدل البطالة وسياسات التوظيف.
وأرى أهمية وضرورة قيام صندوق عربي لتنمية الموارد البشرية العربية، بحيث يكون مدعوماً مالياً من جميع الدول العربية، وذلك ليكون النواة الاستراتيجية لتدريب وتطوير الشباب العرب لزيادة معرفتهم في شتى المجالات، لأن دول العالم تتجه نحو اقتصاد المعرفة.
وأرى أن يكون للدول العربية الأحسن أوضاعاً اقتصادية وسياسية، نصيب الأسد في الدعم المالي للصندوق.
والخلاصة، علينا أن نوفر الحياة الكريمة لشبابنا من الجنسين، حتى لا تستغل ظروفهم المعيشية من قبل الأعداء الذين بتربصون بنا من كل جانب.
وتتمثل الحياة الكريمة في الفرص الوظيفية والدخول الكافية، التي توفر لهم الاستقرار والنمو والعطاء والتحفيز والولاء.
نقلا عن اليوم