كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن البطالة في المملكة، غير أن المعلومات التي تتوارد حول هذا الموضوع تفتقد في غالبية الأحيان إلى الدقة فضلًا عن الفهم الصحيح لمصطلح البطالة، وفي ظني أن حل مشكلة البطالة لن يتأتى إلا بعد توصيف هذا المصطلح بنحو علمي وعملي دقيق، ومن ثم تشخيص أسبابه لوضع المعالجة المناسبة له.
وأهمية هذا الموضوع تنبع من كون المملكة تعتبر دولة كبيرة وقوية من حيث المكونات والمقوّمات الاقتصادية وتشهد بشكل مستمر تزايدًا في حركة أنشطتها التجارية والاستثمارية والصناعية، مما جعلها محل أنظار العالم أجمع وإحدى أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط.
وهذا يعني بطبيعة الحال أن المملكة قادرة على خلق فرص العمل بمختلف أنواعها لمختلف الشرائح، في ظل السياسات الاقتصادية التي تتكامل مع رؤية القطاعين العام والخاص في خلق بيئة عمل معافاة ومستعدة لاستيعاب أكبر عددٍ ممكن من العاملين من المواطنين شيبًا وشبابًا من الجنسين وفي أكثر من مجال وأكثر من مهنة وحرفة.
وبلا شك هناك جهود كبيرة تبذلها عدد من الوزارات منها وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة العمل ولكن تظل بحاجة متجددة لرؤية علمية تأخذ في الاعتبار كيفية تطوير دولاب العمل وزيادة النشاط في القطاع الخاص، وهذا يتطلب تعاونًا وتنسيقًا وتفاهمًا وتفهمًا بين كل الأطراف حتى يكونوا شركاء حقيقيين في صنع واقع أفضل وبيئة عمل أفضل وخلق فرص عمل تليق بالمواطن كيفما كان مستوى القدرات.
وأعتقد أنه في حالة إطلاق بادرة يتبناها بعض الجهات المعنية، يمكن الخروج بآلية محكمة تعين على تهيئة بيئة العمل وتوسيع فرص العمل وبالتالي استيعاب كل مواطن وفق مقدراته واهتماماته، ولكن تبقى أيضًا هناك أهمية لتعزيز التوجّه نحو مزيدٍ من التدريب والتأهيل على كافة المستويات وفي مختلف المهن والحرف والمجالات.
ولكن مع كل ذلك لابد من دراسة واقع الحال بشكل أفضل، إذ لا يمكن أن تعلن بعض الجهات عن كمٍّ كبير من الفرص الوظيفية في حين يتقدّم لها عدد قليل من العاطلين عن العمل من الجنسين، ومن بعد ذلك يتحدث مَن يتحدث عن البطالة وتفاقمها، حيث إنه في هذه الحالة تبرز حالة من عدم دقة توصيف هذا المصطلح، لأن هذا يعني أن بعض الشباب السعودي أسهموا في زيادة معدل البطالة بشكلٍ أو بآخر.
وإن دلّ ذلك على شيء فإنما يدلّ على غياب ثقافة العمل لدى بعض شبابنا من الجنسين وعدم اكتراثهم لأهمية تعظيم المسؤولية، وبالتالي تبقى هناك حاجة ماسة لإشاعة ثقافة العمل وتبيان حاجة السوق فضلًا عن تعزيز التوجّه نحو التدريب والتأهيل حتى يتواءم ذلك مع مقاصد معالجة البطالة بشكل أكثر علمية من سنّ إجراءات تعالج مشكلة البطالة، تملأ الشواغر من الفرص الوظيفية، وضخ حصيلته بشكل إيجابي على اقتصادنا الوطني.
نقلا عن اليوم