في نهاية ديسمبر 2009 بلغت الفجوة بين القروض والودائع في البنوك الإماراتية أكثر من 35.1 مليار درهم أي بزيادة 11.1 مليار درهم عن الفجوة المسجلة في نهاية نوفمبر 2009 والبالغة 24 مليار درهم وذلك حسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مصرف الإمارات المركزي والتي تشير أيضا إلى انخفاض القيمة الإجمالية للودائع البنكية إلى 982 مليار درهم في نهاية شهر ديسمبر 2009 مقارنة 1.002 تريليون درهم في نهاية نوفمبر من العام نفسه أي أن تراجع الودائع بلغ 20 مليار درهم في شهر واحد .. ماذا يعني هذا الأمر ؟ .. يعني ببساطة إمكانية تطور القلق لدى البنوك حالا أومستقبلا خاصة فيما لو تزايد اتساع الفجوة بين القروض والودائع .
لا شك أن القلق موجود حاليا في كواليس العديد من البنوك ، ويمكن استنتاج ذلك من السلوك المضطرب لبعض المصارف والبنوك في الآونة الأخيرة ، والعاملون في القطاع المصرفي يعرفون حق المعرفة المعركة الدائرة حاليا بين البنوك بهدف جذب السيولة و المحافظة على المودعين إذ لجأ كل بنك في الأونة الأخيرة إلى السطو على عملاء البنوك الأخرى مستخدما بذلك أساليب غير مسبوقة كأن يقوم مدير تنفيذي لفرع أحد البنوك بحملة علاقات عامة مدروسة تنتهي بالتعرف على عميل دسم لديه وديعة كبيرة في بنك منافس وفي اللقاء يغريه بمعدلات فائدة مرتفعة تصل إلى سبعة ونصف بالمئة وربما أكثر مقابل نقل وديعته .
إن لجوء البنوك إلى اساليب قد لا تكون أخلاقية بهدف سرقة المودعين يعني أن القلق من المستقبل ما زال حاضرا بقوة خاصة مع حاجة هذه البنوك لسيولة عاجلة لسداد التزاماتها من السندات المستحقة خلال الأشهر القليلة القادمة . ولعل هذا ما يبرر أيضا تنامي ظاهرة قيام البنوك بحملات إعلانية ترويجية تدغدغ عواطف وأحلام المودعين كالإعلان عن سحوبات وجوائز نقدية أو عينية أسبوعية وتقديم فوائد عالية لم يكن ليحلم بها أحد قبل عامين فقط .
الراسخ في قناعة المصرف المركزي الإماراتي – خلال المرحلة الراهنة - أن البنوك المحلية لا تحتاج للمزيد من السيولة ، وأنها قادرة على الوفاء بالتزاماتها دون ضغوط وبالإعتماد على السوق المحلي وقد تكون قناعة المصرف المركزي من الناحية الفنية والتقنية النظرية صحيحة 100% لكن هل يمكن تفادي الآثار السلبية لاعتماد البنوك على الودائع المحلية فقط ؟! .. بالتأكيد سيكون ذلك صعبا خاصة في ظل تنامي فك الودائع وكسرها من قبل الشركات والأفراد لتسيير الأعمال التي بدأت تتعثر نتيجة نقص السيولة بل ويمكن القول أن لجوء عدد من البنوك لفرض وتعديل وزيادة رسوم الخدمات المصرفية يشكل واحدا من الآثار السلبية لنقص السيولة في القطاع المصرفي حاليا .
لعب مصرف الإمارات المركزي منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية وحتى الآن دورا متميزا وسريعا في توفير السيولة للمصارف المتضررة وبالرغم من قناعته المشار إليها آنفا إلا أنه بالتأكيد جاهز لمد البنوك المحلية بالسيولة اللازمة عند ظهور أي عاصفة جديدة في الأفق سواء أكانت هذه العاصفة قادمة من الصين أو اليونان أو أسبانيا أو أي مكان آخر من العالم .هذا من جهة ومن جهة أخرى من المفترض بالمصرف المركزي أن يشدد قبضته الرقابية وأن يكون جاهزا وفاعلا لسد الطريق على البنوك التي قد تسول لها نفسها الخروج عن التقاليد والأعراف المصرفية المقبولة إذ ليس من مصلحته أو مصلحة أحد في البلاد أن تستغل البنوك والمصارف حاجتها الشديدة للسيولة كي تسرق عملاء بعضها البعض أو تلجأ لعروض ترويجية تنبعث منها رائحة الإستهزاء بالقيم المصرفية المعتادة أو تدفع بالفوائد نحو الأعلى لأن ارتفاع الفوائد سيؤدي إلى إحجام الشركات و المؤسسات والهيئات والأفراد عن الإقتراض وبالتالي فإن الدورة الإقتصادية لن تكتمل ودورة الركود ستطول وعجلة النمو ستتراجع أو تتوقف وهذا الأمر لا يريده ولا يرغبه أحد .
فى الحقيقة مقال جيد جيد ذكرت أهم النقاط المتمثلة فى إتساع دائرة الفجوة من القروض والودائع ، الاضطرابات السلوكية للبنوك ، صراع البنوك مع بعضهم البعض ، ظاهرة الاعلانات الترويجية ، حث البنوك المركزية على الشد والرقابة على البنوك والمصارف العامه ، حاجة البنوك الشديدة للسيولة يترتب عليها الركود الاقتصادى وتوقف عجلة التنمية ، شكرا كثيرا كثيرا إستاذ محمد سليمان .
عفواً للخطأ الذى سقط سهواً فى عبارة من القروض، المقصود(الفجوة بين القروض والودائع)
كاتب مميز واسلوب راقي في الطرح وافكار متجدده البنوك الاماراتية راح تعاني من نقص السيوله مثل الشركات الاخرى وانشاء تنقشع الازمة وتعود الاوضاع مثل الاول واحسن