قرارات هيئة السوق المفاجئة تربكنا

02/06/2014 5
د.عبد الوهاب أبو داهش

 تعتبر هيئة السوق المالية من الجهات القلائل التي تطرح لوائحها وأنظمتها على موقعها في الانترنت للاستفادة من ملاحظات المهتمين والمتابعين.

ولكنها تلجأ أحيانا الى اصدار قرارات لمعالجة ظاهرة حديثة البروز، وقد يتخذ القرار أسلوب المفاجأة للسوق.

ومن هذه القرارات قرار وضع حد 10% في اليوم الأول لإدراج سهم شركة جديدة في السوق، بعد الارتفاعات القوية التي حدثت عند ادراج سهم اسمنت الشمالية في فبراير 2013. وقرار بناء الأوامر عن طريق الصناديق الاستثمارية التي جاء خشية عدم تغطية أسهم بعض الشركات، خصوصا اذا كان مبالغ في تقييمها.

وفي اعتقادي أن هذين القرارين قد أديا الى تجميع الأسهم في يد أصحاب المحافظ الكبيرة، سواء كانوا أشخاصا أو صناديق، ما يحرم الشريحة العظمى من المتعاملين في السوق من الاستفادة من الطروحات الجديدة في السوق.

نحن نعلم أن أكثر من 90% من المتعاملين في سوقنا هم من الأفراد، وفي نفس الوقت ندرك أن معظم الشركات المدرجة في السوق هي شركات صغيرة، ويزداد صغر هذه الشركات بطرح 30% من أسهمها فقط، ثم يذهب نصف هذه النسبة الأخيرة لصناديق الاستثمار، ليتبقى النزر اليسير الذي يسيطر للأفراد الذي ينتهي بسيطرة أصحاب المحافظ الكبييرة عليه، ما يحرم الكثير من صغار المكتتبين من الاستفادة من هذه الطروحات بالشكل المطلوب.

لنا أن نتخيل أنه تم تقييم شركة ما عند مكرر 12 مرة على سبيل المثال، ثم سمح بالاكتتاب في كامل ال 30% للافراد، ثم تم ادراجها في السوق مباشرة عند افتتاح يومها الأول عند السعر العادل الذي ارتضته هيئة السوق المالية وكذلك الملاك ومتعهد التغطية بدون سقف، فإن الفائدة كاملة ستعود للافراد من صغار المتعاملين أولا، حيث يتوقع أن يصل السعر أقصى مداه في اليوم الأول ما يسمح للأفراد بالتخلص من السهم في الأيام الأولى من الادراج.

وسيمكن ذلك الصناديق الاستثمارية في الضغط بشراء السهم بالسعر السوقي المعقول، ليبقى التنافس في الايام الأولى بين الصناديق والهوامير في تحديد السعر السوقي الذي يقبله الطرفان. ما يحدث الآن وفي ظل التوجه الحالي ببناء الأوامر، فإن المحافظ الكبيرة هي من يحظى بالتجميع حتى يصل السهم الى أكبر من سعره السوقي المعقول لتبدأ الصناديق الاستثمارية في البيع، ليس فقط على المحافظ الكبيرة (الهوامير)، بل وحتى صغار المتعاملين، والذين هم في الغالب الضحية لذلك الاجراء.

صحيح أن الهيئة تعمل على تشجيع العمل المؤسسي في السوق المالية لكن العمل المؤسسي يحتاج الى أكثر من مجرد اصدار قرارات لمعالجة ظاهرة قائمة. ان بناء سجل الأوامر على سبيل المثال يناسب طروحات الشركات الكبيره التي لديها رؤوس أموال ضخمة بحيث يمكن تقسيم الكعكة بصورة أكثر عدالة بين المتعاملين. لأن الطروحات الصغيرة وخصوصا التي حدثت في الآونة الأخيرة لا تلبي بالفعل العمل المؤسسي بقدر تشجيعها على مزيد من المضاربة في السوق.

ولعلي أعرج الآن على موضوع الارتفاعات المتتالية في سهم شركة ما.

فالهيئة لم تتبع اجراءات متسقة في هذا الشأن. فالمفترض أن تطلب الإفصاح من الشركة بعد ارتفاعين متتالين بنسبة عالية تقدرها الهيئة حتى لو كانت لم تصل 10%.

وأضيف أن على الهيئة نفسها وبعد ملاحظتها ارتفاعات متتالية تحدد مثلا بنسبة 20% وأكثر خلال أسبوع أن تنشر قائمة كبار المشترين والبائعين الخمسة الأعلى حتى تتضح الصورة للسوق، وخصوصا لصغار المتعاملين الذين يتبعون الاشاعات من مصادر قد تكون أحد الموجودين في تلك القائمة، أو من غيرهم ما يوضح الصورة بشكل أكبر ويحد من الانسياق وراء الشائعات، ويهز الثقة بالهوامير الذين يخدعون صغار المتعاملين وإحباط مخططاتهم في التصريف.

نقلا عن الرياض