طرحت في مقال الأسبوع السابق فكرة أن تتواصل عمليات إدراج شركات جديدة في بورصة قطر باعتبار أن ذلك أحد الحلول الهامة لإحداث تنمية مستدامة ومتوازنة في إداء البورصة.
واشرت في المقال إلى أن ذلك يعمل على امتصاص السيولة الفائضة لدى الأفراد ويعيد توظيفها في أسهم شركات جديدة فيقلل من المضاربات الحادة على أسهم الشركات الموجودة والتي تؤدي بدورها إلى ارتفاعات مبالغ فيها في أسعار أسهم بعض تلك الشركات، وارتفاع مكررات الربح فيها عن المستويات الآمنة.
كما أن هذا الاقتراح يقلل من التوجهات الاستهلاكية المفرطة للأفراد على سلع كمالية، نتيجة الثروات المفاجئة التي تتأتى من الأرباح السريعة للأسهم.
وقد تلخص اقتراحي في ضرورة أن يكون هناك ثلاثة اكتتابات سنوية لشركات جديدة بما يساعد على تعزيز حجم البورصة أًفقيا بدلا من اقتصار نموها في معظمه على التوسع الرأسي.
المعروف أن التوسع الرأسي ينتج من زيادة عدد أسهم الشركات نتيجة اكتتابات الزيادة في رؤوس أموال الشركات القائمة-كما حدث مؤخراً مع شركة الدوحة للتأمين- أو عن طريق توزيع أسهم المنح المجانية كأرباح سنوية. بينما التوسع الأفقي ينتج عن زيادة عدد الشركات المدرجة في البورصة من خلال إدراج شركات جديدة كما في حالة أسهم شركة مسيعيد.
وقد استغرب أحد القراء من اقتصار عدد الشركات المقترح إدراجها على ثلاث شركات فقط سنويا، وقال إن ذلك يعني أن عدد الشركات المدرجة سيظل دون المائة شركة حتى عام الرؤية -أي عام 2030- وأن هكذا عدد يظل أقل من عدد الشركات المدرجة حالياً في دول خليجية أخرى حيث يزيد العدد في الكويت عن 260 شركة، وفي السعودية عن 112 شركة، وذلك لا ينسجم مع مقولة أن بورصة قطر تعد ثاني أكبر البورصات العربية.
وقد كان رأيي أن المطالبة بثلاث شركات سنوياً هو أمر أولي يمكن تطبيقه في السنوات القليلة القادمة فقط، لإن الإنطلاق من حالة السكون إلى النشاط لا يمكن أن تتم دفعة واحدة بل بالتدريج.
فإذا كانت البورصة لم تشهد إلا حالة اكتتاب واحدة بعد أربع سنوات من الجمود، فإن من المنطقي أن تكون المطالبة في السنوات الأولى بعدد محدود من الإدراجات على أن يرتفع العدد في السنوات التالية نتيجة الضغوط التي تتولد لدى الأطراف المستفيدة.
وعلى سبيل المثال تولد عن اكتتاب مسيعيد مصالح وفوائد لكل الأطراف ذات العلاقة؛ فالمكتتبين تضاعفت أموالهم عدة مرات في زمن قصير، وأحجام التداول في البورصة قد تضاعفت عدة مرات إلى 1,5 مليار ريال يومياً مع ما يتبع ذلك من زيادة في العمولات للبورصة، فضلاً عن عمولات البنوك التي جنتها من عمليات تمويل الاكتتاب، وبالتالي فإن الاقتصاد في مجمله يستفيد وينمو.
وفي المقابل كانت قطر للبترول أكبر المستفيدين من الاكتتاب حيث جمعت نحو 3,2 مليار ريال من بيع جزء من حصصها في الشركات البتروكيماوية الثلاث المكونة لمسيعيد، وهو مبلغ كبير يعزز السيولة لديها.
وبالنظر إلى أنها لا تزال تملك نحو 76% من أسهم الشركة، فإن القيمة السوقية لحصتها المتبقية قد ارتفعت إلى نحو 36 ريالاً للسهم، بعد أن كانت التقديرات الأولية تضع السعر قبل الاكتتاب ما بين 20-25 ريالاً للسهم. وهذه القيمة قابلة للزيادة وفقاً لما تحققه الشركة من نتائج مستقبلية.
كما استفادت دولة قطر من إدراج أسهم شركة مسيعيد في البورصة بتحويلها إلى شركة مساهمة عامة تخضع حساباتها لمراقبة البورصة وهيئة الأوراق المالية وجمهور المساهمين في الجمعيات العمومية بعد أن كانت المراقبة تتم ضمن دائرة داخلية مغلقة.
وقد خلق الاكتتاب حالة نجاح جديدة يمكن القياس عليها من جانب الكثير من الشركات العائلية والمشروعات الجديدة التي كانت تخشى من التحول إلى شركات مساهمة عامة قياساً لما حدث مع اكتتابات سابقة لشركات أخرى قبل أربع أو خمس سنوات، عندما أدى تراجع سعر السهم بعد الإدراج إلى خسائر للمكتتبين.
كما أن انتهاء المشاكل القضائية التي حدثت مع شركة السلام قد ساعدت على التقليل من مخاوف الشركات العائلية من مصيرها بعد الإدراج.
هذه النجاحات في مجملها لكل الأطراف أصبحت كفيلة بتوليد ضغوط متزايدة في السنوات القادمة من أجل تسارع عمليات الإدراج والاكتتاب بما يجعل تلك العمليات مضطردة ومتسارعة مع كل اكتتاب جديد، بحيث قد نصل إلى عدد مائة شركة مساهمة قبل عام 2030.