كثر الحديث عن الدور المنوط والمتوقع من الصيرفة الإسلامية في السلطنة وخصوصا بعد مضي ما يقرب من أكثر من عامين من تأسيس المصارف والنوافذ الإسلامية في السلطنة.
والمتتبع والمراقب لدور تلك المصارف والبنوك واستجابة العديد من المؤسسات والأفراد لخدماتها يجد أن الدور المطلوب والمتوقع لتلك المصارف ما زال غير مطروق ومعروف للعديد من المُتعاملين والمُستثمرين، وبكل تأكيد في حال انتشار وفهم هذه المصارف وخدماتها وأدوارها، ستُشكل بالتالي الصيرفة الإسلامية نقلة نوعية في سوق الخدمات المصرفية العُمانية والمُساعدة في ترسيخ ودعم الصناعة المصرفية والمالية والاستثمارية ومن ثم محاولة ومسعى منها (المصارف الإسلامية) في دعم الاقتصاد الوطني وخصوصا من خلال قدرتها على إطلاق وتأسيس وتشكيل أدوات مالية واستثمارية وتمويلية جديدة وغير مَطروقة ومعروفة ومعمول بها في السوق المالي والمصرفي المحلي وبأسلوب إسلامي مُبتكر يُعالج ويُساند ويُساعد في إيجاد حلول وبدائل تمويلية للعديد من المشاريع والمؤسسات والاستثمارات الحكومية العامة (على وجه الخصوص) والخاصة.
وكان السؤال مؤخرا بمدى استعداد السلطنة وتقبلها لتأسيس وإنشاء وإطلاق خدمات الصيرفة الإسلامية، وتقبل المُجتمع، ومدى استعداد التشريعات وجهوزيتها في إطلاق خدمات الاستثمارات وإطلاق أدوات مالية واستثمارية مثل الصكوك والتأجير التمويلي والتكافل.. الخ.
وللإجابة عن تلك التساؤلات ومن خلال العديد من الدراسات ومن جانب المُجتمع وطبقا للدراسات التي تم الاعتماد عليها في تأسيس وإطلاق الخدمات البنكية الإسلامية، هنالك طلب واستعداد نفسي لهذه الخدمة والنوع من الصيرفة الإسلامية وبخصوصيتها ونوعيتها وشروطها، أما بالنسبة للتشريعات فبرأينا إن البنك المركزي أعد حُزمة مُتكاملة من تلك التشريعات بالاستعانة بالخبراء وبيوت الخبرة في هذا المجال وهذه التعليمات والتشريعات برأي العديد من الخبراء كانت مرنة وقابلة للتعديل والتعامل مع أية مُتطلبات جديدة من البنوك والمصارف والنوافذ الإسلامية وفي أي وقت ومكان وزمان ولا ننسى بأن تلك الخدمات جديدة على المُجتمع والبنوك وبتطبيقها سيؤدي إلى حدوث أسئلة واستفسارات ومُتطلبات جديدة لم يتم مُراعاتها آخذين بعين الاعتبار العوامل والأُسسس الشرعية والعملية في الصيرفة الإسلامية.
أما بالنسبة للاستثمارات فنتوقع أن تكون أسرع وأكثر إقبالا من حيث التطبيق والمرونة والانتشار وذلك بسبب حاجة السوق المحلي والمالي على وجه التحديد إليها ودعم وطلب وإلحاح كل من البنك المركزي والهيئة العامة لسوق المال وسوق مسقط للأوراق المالية بضرورة ووجوب إدراج أدوات مالية استثمارية جديدة تُتيح للجمهور والشركات والمؤسسات العامة والخاصة بدائل استثمارية جديدة وبطرق وأسلوب جديد ومنها الصكوك والتأجير التمويلي يفتح الباب جديدا لعدد كبير جدا من المُستثمرين ورجال الأعمال لتمويل وإطلاق مشاريعهم وشركاتهم بطرق تمويلية واستثمارية جديدة.
ولا بد من القول بأن الوعي المالي والاستثماري والمصرفي مهم وخصوصا في أوجه المُقارنة ما بين الصيرفة الإسلامية والتقليدية.
ويُعتبر الوعي العام وخاصة فيما بين المُجتمعات (من خلال انتشاره ومدلوله) باعتباره عاملا حاسما في إنجاح تجربة الصيرفة الإسلامية. ويمكن تنمية الوعي وتهيئة الوسائل الأكثر فاعلية في عملية التوعية، من خلال نشر الثقافة المصرفية الإسلامية وتدريسها وعقد الندوات والمُحاضرات لها.
إن الوعي وتثقيف الجمهور العام بميزات الصيرفة الإسلامية وشروطها وطرق عملها سواء من ناحية التطبيق والكُلفة والمُدة والفرق ما بينها وبين الصيرفة التجارية هو ضروري جدا.
لا بل على العكس يجب على المصارف والنوافذ الإسلامية أن يقوموا مُجتمعين و/أو منفردين بتَبني نُهج وطريقة وسياسة تثقيفية وتسويقية شاملة لخدماتها وطُرق عملها في السلطنة.
تُعتبر وسائل الإعلام والمدارس والجامعات والمؤسسات والشركات الكُبرى هي الأكثر تأثيرا وانتشارا من خلال عقد ندوات ومُحاضرات تثقيفية ومُتخصصة من قبل تلك البنوك.
وفي الوقت نفسه على المصارف الإسلامية أن تقوم بالتوعية وتثقيف الجمهور بشكل مُستمر بخصائص وضوابط وشروط التعامل بالصيرفة الإسلامية وتعزيز وتقوية الوعي الادخاري لدى جمهور المُستثمرين (أفرادا ومُجتمعات، طلابا ومُدرسين، عُمالا وأصحاب أعمال) وتغيير السلوك الاستهلاكي للأفراد (على وجه الخصوص) في محاولة لتعزيز مفاهيم وخصائص ومزايا الادخار في المصارف.
وأما غياب الوعي فله تأثير كبير على ازدهار أنشطة الصيرفة الإسلامية في السلطنة، وبدون تسويق ووعي وتثقيف لن يكون هنالك انتشار جيد وواضح للصيرفة الإسلامية ويجب أن تكون هنالك سياسة وخطة واضحة إذا ما رغبنا بالعمل على انتشار تلك الخدمات.
إن غياب و/أو عدم تواجد للصيرفة الإسلامية لأكثر من 40 عاما في السلطنة ووجودها في دول ومناطق أخرى أدى إلى عُزوف الكثير عن التعامل معها وحتى في تلك الدول وعليه يجب أن نُركز على تنمية الوعي بتلك التجربة وفوائدها ومكوناتها وتفصيلاتها من حيث الكلفة والإسلوب والطريقة وبدون إخفاء أية معلومة عن العميل.
وإن المسؤولية لجميع أطراف العملية الاقتصادية مطلوبة لإنجاح الصيرفة الإسلامية، وجميع الأطراف من بنك مركزي وبنوك تجارية (إسلامية وتقليدية) والهيئة العامة لسوق المال وسوق مسقط للأوراق المالية) وحتى المؤسسات الحكومية والخاصة والتي ترغب بنجاح تلك الخدمة يجب أن تتكاتف جهودها وفرقها وخبراتها لإنجاح تلك المصارف والنوافذ.
وأن العلاقة ما بين المصارف الإسلامية والتجارية (التقليدية) بكل تأكيد هي علاقة تكاملية وخصوصا إذا ما قام البنك التجاري التقليدي بفتح نافذة إسلامية وعليه من الضرورة أن يقوم بالتعامل مع النوافذ والبنوك الإسلامية الأخرى وخصوصا فيما يتعلق بإدارة السيولة المصرفية اليومية.
وحتى من قبل البنوك التجارية التقليدية والتي لا توجد لديها نافذة إسلامية يمكن لها أن تتعامل مع البنوك الإسلامية والنوافذ من عمليات إيداع والدخول في الاستثمارات المُشتركة وخصوصا في مسألة الصكوك وعمليات الخزينة.. الخ.
ما زلنا في البداية من حيث التطبيق والفهم للمصارف الإسلامية ولا يُمكن القول بأن التجربة غير ناجحة وبحاجة للمزيد من الدراسة والبحث لمعرفة الأسباب والدوافع التي لا تُساعد تلك المصارف بالانتشار والتوسع (كما كان متوقعا).
إن عمر الصيرفة الإسلامية عالميا ما زال يافعا إذا ما قورن بالصيرفة التقليدية وعليه من غير المنطق القول بعد نجاح الصيرفة الإسلامية وإسهامها في دعم الاقتصاد الوطني كما هو مطلوب ومُستحب ومتوقع ومُخطط له.
تم الرجوع والاستعانة بعدد كبير من الأبحاث والدراسات والمقالات والآراء بهذا الخصوص في هذه المقالة بتصرف.
نقلا عن جريدة عمان