تستحق التجربة الفريدة للاكتتاب في أسهم شركة مسيعيد للبتروكيماويات أن نقف عندها لنتأمل ما أسفرت عنه من نتائج، وما أفرزته من معطيات، خاصة وأن اكتتابها كان الأول في سلسلة من اكتتابات لقطر للبترول ستتوالى في السنوات القادمة.
وقد جاء طرح أسهم مسيعيد بأشياء جديدة ومبتكرة لم تعرفها الاكتتابات السابقة، من أجل تحقيق المصلحة المجتمعية لأكبر عدد من القطريين.
ولكي نفهم ما جرى أشير بداية إلى أنه كان لافتاً للانتباه على مدى الأعوام القليلة السابقة أن هناك عقم واضح في آلية إنشاء شركات مساهمة عامة وطرحها للاكتتاب، حيث لم تشهد البورصة إدراج أية شركات جديدة بعد مزايا، لأسباب عديدة.
ولذلك قد لا يكون مصادفة أن يتزامن الاكتتاب في مسيعيد مع نظر مجلس الوزراء دراسة حول وضع القطاع الخاص وإمكانية تنشيطه وتغيير قواعد العمل بما يكسبه حيوية ويمكنه من الإنطلاق لتأسيس شركات جديدة في المستقبل. وأعود لنتائج الاكتتاب فأشير إلى الآتي:
1-أن الاكتتاب الذي اقتصرت المشاركة فيه على الأفراد دون الشركات والمؤسسات-باستثناء نسبة محدودة لكل من مؤسسة قطر وهيئة التقاعد- قد أخذ بمبدأ المساواة في المشاركة، وابتعد عن تطبيق مبدأ النسبة والتناسب ، لذلك لم يكن من الضروري وضع سقف مليون سهم لكل مكتتب، حيث سبب ذلك خلطا لدى الكثيرين، فأقدم بعضهم على الاكتتاب بمبالغ كبيرة ظهر أثرها في تغطية الاكتتاب خمس مرات.
وهذا الأمر كان له تأثير سلبي على وضع السيولة، حيث تم تجميد نحو 12 مليار ريال إضافية لمدة تزيد عن أسبوعين دون مبرر.
كما تحمل البعض منهم تكلفة إضافية تمثلت في تكلفة اقتراض مبالغ كبيرة، أو التضحية بفرص استثمارية أخرى كانت متاحة.
2-من واقع الأرقام التي صدرت يتضج أن إجمالي عدد من نشارك في الاكتتاب يقدر بنحو200 ألف مكتتب، ومن ثم فإنه في الاكتتابات القادمة لقطر للبترول- وبافتراض استخدام نفس المنهح-فإن أحداً لن يكتتب بمبالغ كبيرة تزيد عن ألفي سهم للفرد الواحد.
ومن ثم فإنه لن تكون هناك تغطية للاكتتاب بأكثر من مرة واحدة أو مرة ونصف المرة على الأكثر.
3-أن عملية الاكتتاب القادمة يمكن أن تكون أسهل بكثير لو تمت من خلال حسابات القطريين لدى الوسطاء، بحيث يقوم كل راغب في الاكتتاب بإيداع قيمة الأسهم الراغب في الاكتتاب بها لدى حسابه في البورصة مع الوسيط.
وهذه العمليه وما يتبعها من عمليات تحديد لعدد الأسهم المخصصة لكل شخص تصبح إلكترونية ولا تتطلب وقتاً أطول، ويترتب على ذلك انخفاض تكلفة الاكتتاب التي يتحملها كل مكتتب.
4-كان من المفترض أن تكون هناك فترة زمنية كافية قبل الاكتتاب للإعلان عن أنشطة الشركة، ونتائج أعمالها في السنوات السابقة والقيمة الدفترية للسهم، وعائد السهم، حتى يكون المكتتبون على وعي بالظروف المحيطة بالاكتتاب، وباحتمالات الربح فيه.
5-أظهرت التجربة أن جزءا مهما من أفراد المجتمع لا يقل عن 20% منهم لا يجيزون أعمال البنوك التقليدية، وأنهم يعتبرون أن تعامل هذه الشركة مع تلك البنوك، فضلاً عن اقتراضها السابق لأعمال الإنشاء أو التوسعة، يجعل نشاطها يدخل في دائرة المحرمات.
ورغم أن عدداً لا بأس به من كبار العلماء والفقهاء وفي مقدمتهم الشيخ يوسف القرضاوي قد أجاز الاكتتاب لما فيه من مصلحة رائجة للجمهور، فضلاً عن إمكانية تطهير أرباح السهم مما قد يشوبها، إلا أن نسبة إلـ 20% ظلت على مواقفها بالامتناع عن الاكتتاب.
وربما عزز من هذا الاتجاه محدودية الأسهم المتوقع تخصصيها مما أقنع جانباً من الأفراد بعدم المشاركة باعتبارب أن الربح سيكون محدوداً في النهاية.
ومن أجل ذلك قد يكون من المفيد في المستقبل التعامل مع هذا الجانب بوضوح وتسليط الضوء عليه إعلاميا بالقدر الكافي.
6-أن ملامح التجربة لن تكتمل فصولها إلا بعد إدراج سهم الشركة في البورصة للتداول عليه، وذلك لمعرفة مدى نجاعة الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من إقدام المكتتبين على البيع.
المعروف أن المتاح هو بيع نصف الكمية للبالغين فقط وأن بيع النصف الثاني يستوجب تأكيد الرغبة في البيع لدى إدارة البورصة.
وبقدر ما يكون السعر مرتفعاً، فإنه سيكون مغرياً بدرجة أكبر للبيع، وقد ذكرت في مقابلة مع برنامج مال وأعمال لإذاعة قطر أن السعر بعد اليوم الأول قد يتراوح ما بين 20-30 ريالاً وذلك استنادا لمعطيات الشركة وخاصة ما يتعلق بتوزيعات الأرباح المستقبلية على المساهمين.
ويظل في بعض ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله أعلم.