إذا كانت مؤشرات البورصة تُعد مرآة لما يحدث في الاقتصاد من تغيرات، فإن بيانات الجهاز المصرفي خير من يحلل ويشرح تلك التغيرات على أرض الواقع.
وإذا كان المؤشر العام للبورصة قد ارتفع في عام 2013 بنسبة تقترب من 25%، بعد انخفاض بنسبة 5% في عام 2012، فإن التغيرات التي طرأت على بيانات الجهاز المصرفي ما بين عام 2013 و 2012 تساعد في فهم اسباب هذا التحول القوي والهام في معطيات الاقتصاد القطري.
1-من حيث الإجمالي، نمت موجودات البنوك ( ومطلوباتها) في عام 2013 بنسبة 11.6% إلى 915.9 مليار ريال، وهي نسبة تزيد قليلاً عن ضعف نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، التي هي في حدود 5.3%.
وبالمقارنة فإن نسبة نمو الموجودات في السنة السابقة بلغت 17.5% عندما كان معدل نمو الناتج المحلي يزيد عن 11% في عام 2012.
2-في جانب الموجودات نجد أن التسهيلات الائتمانية المقدمة للحكومة والقطاع العام قد تباطأ نموها إلى 9.7% مقارنة بـ 46.4% في العام السابق لتصل إلى 239.7 مليار ريال، منها قروض للحكومة بنحو56.5 مليار، وقروض للمؤسسات الحكومية بنحو 152.5 مليار ريال، بينما قروض المؤسسات شبه الحكومية بنحو 30.7 مليار ريال.
وهذه الأرقام لا تشمل الدين الحكومي الخارجي، ولا السندات وأوذنات الخزينة، وهذه الأخيرة نمت في عام 2013 بنسبة 3.6% مقارنة بنسبة نمو 17.9% في السنة السابقة لتصل إلى 128.1مليار ريال.
3-وفي المقابل نما الائتمان المحلي المقدم للقطاع الخاص بنسبة 15.2% ليصل رصيد الائتمان في نهاية السنة إلى 286.3 مليار ريال مقارنة بـ 248.5 مليار ريال قبل عام..أي أن الزيادة المسجلة في الموجودات قد قابلها توسع حقيقي في الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، وهي ظاهرة إيجابية.
ونجد بهذا الخصوص أنه في حين كان القطاع العقاري أكبر المستفيدين من الائتمان الممنوح للقطاع الخاص في عام 2012، حيث نما بقوة إلى 85.5 مليار ريال، فإن ائتمان هذا القطاع قد استقر في عام 2013 بانخفاض طفيف ليصل إلى 85.4 مليار ريال، وذلك له دلالته في كبح جماح التضخم في أسعار العقارات.
4-في المقابل فإن أكبر المستفيدين من التوسع في الإئتمان الممنوح للقطاع الخاص كان قطاع الخدمات بنسبة نمو 66.5% إلى 44.8 مليار ريال، يليه قطاع المقاولين بنسبة 41.2% إلى 23.3 مليار ريال، ثم قطاع الصناعة بنسبة نمو 24.7% إلى 11.6 مليار ريال ثم قطاع القروض الاستهلاكية للأفراد بنسبة نمو 14.4% إلى 80.2 مليار ريال، ثم قطاع التجارة بنسبة نمو 8.4% إلى 36 مليار ريال.
وبالاضافة إلى ما تقدم تراجعت القروض الممنوحة لكل من المؤسسات المالية غير المصرفية، والقطاعات الأخرى.
5-وفي جانب مطلوبات البنوك، نجد أن ودائع الحكومة والقطاع العام قد نمت في مجملها بنسبة 27.3% إلى 230.1 مليار ريال، مقارنة بنسبة نمو 14.4% فقط في السنة السابقة، وتحقق معظم الزيادة لودائع الحكومة التي ارتفعت بنسبة 53.6% إلى 68.5 مليار ريال، في حين ارتفعت ودائع المؤسسات الحكومية بنسبة 19.2% إلى 124.4 مليار، وارتفعت ودائع المؤسسات شبه الحكومية بنسبة 17.7% إلى 37.3 مليار ريال.
6-وفي جانب مطلوبات البنوك للقطاع الخاص نجد أن الودائع قد نمت بنسبة 20.6% إلى 277.4 مليار ريال، بدون ودائع المؤسسات المالية غير المصرفية التي بلغت 7.3 مليار ريال في نهاية عام 2013.
7-يلاحظ أن الزيادة الملحوظة في نمو الودائع لكل من القطاع العام والخاص قد ساهمت في تحسين مستوى السيولة في الجهاز المصرفي وهو ما انعكس بالإيجاب على أداء البوررصة القطرية في عام 2013.
كما تحسنت نسبة الائتمان إلى الودائع من 114.6% في عام 2012 إلى 104.1% في عام 2013، وهذا شيء إيجابي وصحي في الوقت الذي تقترب فيه البنوك من تطبيق تعليمات بازل 3.
8-ومن المتوقع على ضوء ما تقدم أن تنمو موجودات البنوك ومطلوباتها بنسبة 10% في عام 2014 وأن وتتجاوز تريليون ريال بقليل، وأن يكون النمو في التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص بنسبة 10% بينما ينخفض نمو تسهيلات الحكومة والقطاع العام، وتنمو الودائع العامة والخاصة بأكثرمن 20%.
ويظل في بعض ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله أعلم.