يتعلم دارسو الإدارة العامة أن الإدارة هي تحقيق الأهداف والنتائج من خلال استخدام الموارد البشرية والمالية وغيرها استخداما فعّالا.. لذا على المدراء الحكوميين أن يكونوا حريصين على تطبيق هذا المفهوم الإداري، خاصة في هذه الفترة التي يوجه الكثير من الناس النقد فيها للجهات الحكومية لضعف انتاجها وتدني مخرجاتها.
وقد يكون سبب ضعف المنشأة الحكومية أن كثيرا من المدراء الحكوميين يرون أن عملهم مجرد تسيير العمل اليومي وفق روتين وإجراءات حكومية موضوعة لهم مسبقا، وأن الهدف منها ممارسة الضبط فقط وليس لدفع البلد للتطور والنمو.. لذا لا يهم المدراء الحكوميين كيف تستخدم موارد المنشأة الحكومية بدليل أنهم في نهاية السنة المالية يزيدون الصرف للخلاص مما تبقى في ميزانياتهم، كما لا يهمهم تطبيق معايير أداء KPIs توجه عملهم وتمكنهم من قياس الانتاجية والانجاز، كما لا توجد لديهم نظم تقييم أداء فعال، مما يساوى الموظف الذي يعمل بالذي لا يعمل، ولذا تأتي إنتاجية القوى العاملة متدنية.. كما أن غياب أنظمة التحفيز يضيف سببا آخر لتدني الإنتاجية.
وخلاصة القول إن المنشأة الحكومية تعاني من مشكلات إدارية تحول دون فعاليتها، لذا تحتاج لتطوير شامل.
وينبغي لتطوير المنشأة الحكومية أن تعيد المنشأة تعريف دورها وأن تنظر لوظيفتها على أنها ليس الضبط وإنما الارتقاء بالمجتمع أفرادا ومؤسسات، كما تحتاج لوجود رؤية ورسالة ومنظومة قيم تحكم السلوك الإنساني بها.. وينبغي أن تكون لها أهداف محددة تسعى لتحقيقها ومؤشرات أداء تقيس من خلالها مدى تحقيق الأهداف،وأن تعمل من خلال خطة عمل ونظم إنجاز حديثة تتكون من خطوات.
كما يجب أن تتخذ القرارات الاستراتيجية وفق منهجية صناعة القرار التي تتكون من مراحل واجراءات محددة.
ويساعد وجود نظام تقييم أداء فعّال المنشأة الحكومية في وصول الكفاءات لمواقع صناعة القرار وهذا أمر في غاية الأهمية، كما يساعد وجود نظام تحفيز جيد في تفجير طاقات موظفيها ودفعهم ليقدموا أفضل ما لديهم من جهود، وعلى المنشأة الحكومية أن تخصص مبالغ كبيرة للصرف على تدريب موظفيها والارتقاء بمستوياتهم الفكرية والسلوكية والمهنية، وتعليمهم لغة العصر، كما عليها أن تهتم باستخدام التقنية المكتبية، وإزالة أمية الحاسب بين منسوبيها.. كما يتعين عليها أن تنظر لمراجعيها على أنهم عملاء وتحرص على تطبيق مفاهيم جودة الأداء والنظم لتحقيق أعلى درجات الكفاءة والفعالية.
إننا نعيش في عصر غير الذي كان يعيشه آباؤنا فلنطبق مفاهيم الإدارة الحديثة ووسائلها وأدواتها وإلا بقينا نخرج من أزمة لأخرى، ونكون عاجزين عن مواجهة مشكلات البطالة والسكن والصحة والغذاء ناهيك عن قضايا تطوير البلاد.
نقلا عن جريدة اليوم