نتوقف هذا الأسبوع عند ما ورد في خطاب حضرة صاحب السمو الأمير المفدى أمام مجلس الشورى من توجهات بشأن تشجيع ودعم القطاع الخاص.
فقد طالب سموه الحكومة بالعمل على إزالة ما يعترض القطاع الخاص من معوقات وتقديم الحوافز الضرورية له، وطالب غرفة التجارة، ومجتمع الأعمال بتقديم كافة المقترحات والحلول اللازمة لتمكين هذا القطاع من القيام بدوره.
وأضاف سموه أن هنالك ثمة حاجة لتذليل المصاعب في مجالات بعينها وهي كسر الاحتكار وتوفير أجواء التنافس، والتغلب على العوائق البيروقراطية، وتقليص حجم وعدد المؤسسات والشركات الوسيطة بين الدولة ومبادرات رجال الأعمال.
هذه التوجيهات السامية-ضمن أمور أخرى كثيرة وردت في الخطاب- تعد بمثابة منهج عمل وخارطة طريق لدولة قطر في سنة بأكملها، ونتوقع لذلك أن يتم تنفيذها بحذافيرها، وأن يكون مجلس الشورى أداة لمراقبة التنفيذ وتقييم النتائج خلال جلسات انعقاده حتى منتصف يونيو القادم.
ولقد سبق لي أن تناولت هذا الموضوع بمقال سابق بتاريخ 14 يوليو الماضي عقب تولي سموه مقاليد الحكم في قطر، وأشرت إلى عدد من المعوقات التي تحتاج إلى معالجات حاسمة من أجل كسر القيود التي تكبل القطاع الخاص وتحول دون تمكنه من المساهمة بفعالية في نمو الاقتصاد القطري.
ومن بين هذه المجالات وجود مزاحمة ملحوظة من القطاع العام للقطاع الخاص في ميادين كثيرة نذكر منها قطاع البنوك الوطنية، والقطاع الصناعي، وقطاع الاتصالات.
فضلاً عن قطاعات الصحة والتعليم. وها هو سمو الأمير يطالب بكسر الاحتكار الذي يُفهم منه أنه الاحتكار الحكومي في كثير من المجالات.
وأما العوائق البيروقراطية التي تعرقل مبادرات القطاع الخاص فإنها كثيرة ومتعددة، ومن بينها، التعقيدات التي تحول دون سرعة تأسيس شركات الخدمات المختلفة وخاصة في مجالات الصحة والتعليم والصناعة.
وبدلاً من العمل بنظام الشباك الواحد في الترخيص، فإن استصدار الموافقة النهائية التي تجيز البدء في النشاط يتطلب مراجعة إدارات عديدة ويستغرق وقتاً طويلا، قد يؤدي إلى تحميل المستثمر أموالا طائلة ويتسبب في خسارته وربما توقفه عن التنفيذ.
ومن هنا بات على الحكومة أن تضع لها استراتيجية واضحة للدور المطلوب من القطاع الخاص القيام به، وعن ماهية الإجراءات الازمة لذلك بأقل قدر من المتطلبات.
وقد كانت هناك شكاوى كثيرة لرجال الأعمال من بينها اعتماد الملاحة البحرية على موانئ الامارات، وضعف المناطق الصناعية، وعدم توافر المخازن اللازمة للشركات، وازدحام حركة السير، وتأخير توفير الكهرباء للوحدات السكنية أو التجارية الجديدة.
كما أن هناك شكاوى من قلة الحوافز والإعفاءات، ومن الشفافية في مجال المناقصات الحكومية، ومن المنهج الحكومي في منح تأشيرات العمالة اللازمة.
ولأن الندوات والمؤتمرات التي عقدتها غرفة التجارة مع الحكومة في السنوات الماضية لم تف بالغرض المطلوب منها، فقد طالبت في المقال المشار إليه في منتصف يوليو الماضي بأن تقوم الأجهزة الحكومية المعنية وخاصة في وزارتي التجارة والأعمال، والطاقة والصناعة بإنشاء مركز أبحاث متخصص للتواصل مع القطاع الخاص ورجال الأعمال وتلقي مقترحاتهم، ودراستها، والعمل تحقيق الصالح منها.
ولعلني أختم في هذا المقال بقول سمو الأمير:" إن من يخدع نفسه يسد أمامه الطريق لإصلاح الأخطاء، ومعيار النجاح يكمن في العمل بنجاعة وإخلاص، كما يكمن في المخرجات والنتائج" وعليه فإن مجلس الشورى مطالب بمراقبة ما يتم إنجازه على هذا الصعيد أولاً بأول، حتى يأتي سموه في الخطاب القادم في مجلس الشورى ليقول لقد شخصنا المشكلات ورسمنا التوجيهات اللازمة، وجاءت النتائج دالة على نجاح ما قمنا به من عمل دوؤب لخدمة الوطن وإعلاء شأنه.
*ملاحظة: أعود في مقال تال بإذن الله بمواصلة سلسلة التعقيب على نتائج الشركات المساهمة في 9 شهور.