في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر الماضي، عقد مجلس إدارة شركة سوق دبي المالي اجتماعا وافق خلاله على تقديم عرض لكل من شركة بورصة دبي المحدودة "بورصة دبي "ومجموعة ناسداك أو أم أكس" ناسداك دبي للاستحواذ على 100 % من ناسداك دبي .. وفي اليوم التالي جرى الإعلان عن الصفقة في بيان خاص لخص أهداف الصفقة بزيادة فئات أصول سوق دبي المتاحة أمام المستثمرين وتوثيق الروابط التشغيلية بين البورصتين وإتاحة الفرصة لمساهمي سوق دبي للإستفادة من النمو المستقبلي لناسداك دبي وحدد البيان أيضا مهلة ستة أسابيع لإنجاز الصفقة، ومن أجل التقيد بالإطار التنظيمي لكل من سلطة دبي للخدمات المالية وهيئة الأوراق المالية والسلع أعلن البيان عن وجود توجه للقيام بعملية إعادة هيكلة - إنشاء شركة قابضة جديدة تمتلك البورصتين - والهيكل الجديد سيمكن كل من سوقي دبي وناسداك دبي من العمل بصورة متجانسة وفق الأطر التنظمية المختلفة بحيث يواصل سوق دبي العمل تحت مظلة هيئة الأوراق المالية والسلع وفي الوقت نفسه يواصل ناسداك دبي العمل تحت مظلة سلطة دبي للخدمات المالية.
إن المقدمة أعلاه كانت ضرورية لمعرفة الإتجاه الذي ستسير فيه عملية "الاندماج" بين سوق دبي وناسداك دبي لاحقا ، ففكرة .. "التوحيد" .. "الجمع" .. "الإندماج" .. سمها ما شئت لمعت في أذهان المسئولين قبل وبعد توحيد الأنظمة الإلكترونية في السوقين خاصة مع تحول سوق دبي المالي إلى نظام "اكستريم" وسعي كل من إدارتي السوقين لتكامل نظم التداول والتقاص والإيداع مما يعني أن السوقين كلتيهما كانتا تبيتان نية الإندماج المستقبلي كليا أو جزئيا ويبدو أن الصفقة المعلنة أعلاه كانت الخطوة الأولى لتحقيق الهدف الإستراتيجي.
أمس الثلاثاء الموافق 9/2/2010 عدلت "بورصة ناسداك دبي" ساعات تداولها لتصبح متوافقة تماما مع توقيت التداول في "سوق دبي المالي".. ماذا يعني ذلك ؟.. يعني أن الخطوات نحو الإندماج بدأت تتسارع وفي الطريق سنرى عملية تسهيل وتسريع في قبول طلبات الوسطاء المؤهلين العاملين في سوق دبي لمنحهم حق العمل في ناسداك دبي، كما قد نرى في القريب العاجل منصة تداول واحدة تمكن المستثمرين من التعامل – بيع وشراء – مع أسهم السوقين، ومن الأكيد أن يتم تعهيد المهام التشغيلية الخاصة بأسهم "ناسداك دبي" من تداول ومقاصة وتسويات لسوق دبي المالي نظرا لما يتمتع به من خبرة وإمكانيات ونظم تؤهله للقيام بهذه المهام.
لا شك أن طريق الاندماج بين السوقين مليء بالتحديات ولعل الفرق في طريقة تسعير السهم في ناسداك دبي وطريقة تسعير السهم في سوق دبي المالي واحدة من تلك التحديات التي تحتاج للتذليل وبالتالي فإن المطلوب من أحدهما أن يتخلى عن طريقته في تسعير الأسهم من ناحيتين الأولى عملة التسعير – ناسداك دبي يسعر بالدولار وسوق دبي بالدرهم – والثاني مرتبط بأجزاء الفلس أو السنت فلو دققنا النظر في سعر سهم موانئ دبي بتاريخ 9/2/2010 لوجدنا سعره هو 0.435 دولار أي ثلاثة وأربعين سنتا ونصف السنت في حين أن سعر سهم الإتحاد العقارية في سوق دبي بنفس التاريخ هو 0.52 درهم أي اثنين وخمسين فلسا مع غياب لأجزاء الفلس وهنا يأتي الوقت المناسب لطرح السؤال الهام .. هل سنرى في القريب العاجل ثلاثة أرقام يمين الفاصلة للأسهم التي يقل سعرها عن الدرهم ؟
إن الإجابة على السؤال أعلاه واحدة من اثنين إما نعم أو لا لكن المرجح أننا سنحصل على جواب نعم خلال الفترة القريبة إذ من المتوقع – إن لم يلفت حتى الأن - أن يلفت موضوع كهذا انتباه المسؤولين في سوق دبي بل وربما ناقشوه أو سيناقشونه مستقبلا خاصة وأن إحداث مثل هذا التغيير سيكون لصالح السوق في ظل الانخفاض الحالي لقيم وأحجام التداول .. أما لماذا هو لصالح السوق؟ .. فلأنه سيحصل على عمولات أكثر .. ولماذا هو ليس في صالح المستثمر ؟.. فلأن المستثمر سيزيد عدد الصفقات ليحافظ على ربحه فلو اشترى حاليا سهما بـ 0.50 فلس وارتفع السهم فلسا واحد لربح 2 % أما لو اشترى سهما بـ 0.505 فلس وارتفع السهم نصف فلس لكان ربحه أقل من 1 % اي يحتاج لصفقتين بدلا من صفقة واحدة ليحقق 2 % في الوقت الذي يحصل من خلاله السوق على عمولة صفقتين. فهل تتوقع يا صديقي المضارب أن يتجاهل السوق مثل هذا المكسب الكبير؟ .
من المؤكد أن عمليات الإندماج ستأتي في الشكل العام لصالح جميع الأطراف العاملة في السوقين –الشركات، المستثمرين، الوسطاء – لكن من المؤكد أيضا أن الأسواق ستسعى لأن تنال حصة الأسد من المصالح الناجمة عن هذا الإندماج وإن كان هذا الأمر مشروعا فإن المطلوب من الشركة القابضة المزمع إنشاءها مستقبلا لتملك وإدارة السوقين مراعاة مصالح المستثمرين والمضاربين وإلا فإن المعاناة الحالية من نقص السيولة وإحجام المستثمرين المحليين والأجانب عن البيع والشراء في السوقين ستبقى وعندها قد نردد المثل القائل " كأنك يا بو زيد ما غزيت".