لماذا تخلف المستثمرون الأجانب عن الحضور بعد القرار؟

24/06/2013 2
بشير يوسف الكحلوت

تساءلت في مقال الأحد السابق -وكان بعنوان كيف ارتقت بورصة قطر إلى مصاف الأسواق الناشئة من  سوق مبتدئة- عما سيحدث بعد القرار، وما إذا كان المستثمرون الأجانب سيدخلون السوق أم لا ؟ وعلى مدى أيام الأسبوع الماضي كان من الواضح  من بيانات عمليات المحافظ الأجنبية أنها تبيع بأكثر مما تشتري  على عكس ما كان يحدث في الأسابيع السابقة  قبل القرار.

أي أن المحافظ الأجنبية التي سبق أن اشترت صافي قد عادت لتبيع صافي، دون أن يكون هناك دخول لمستثمرين أجانب جُدد.

ولم يكن هذا التطور مفاجئاً لي حيث  سبق أن رأيت مثيلاً له في عام 2005 عندما تم اتخاذ قرار بالسماح للأجانب بدخول سوق الدوحة للأوراق المالية  في الأول من إبريل من تلك السنة، فكانت النتيجة أن ارتفعت الأسعار والمؤشر بشدة قُبيل تفعيل القرار، ووصلت إلى مستويات قياسية لم تعد معها مُغرية لأي مستثمر أجنبي، ولذا جاء الإقبال من جانب الأجانب بعد السماح لهم بالدخول ضعيفا وباهتاً، وربما اقتصر في تلك الفترة على الأجانب الأفراد  المقيمين داخل قطر دونما دخول حقيقي للمحافظ الأجنبية.

وكان ذلك التصرف في حينه طبيعياً ومتوقعاً وأشرت إليه في محاضرة  في شهر مارس 2005 قلت فيها إن أسعار الأسهم قد ارتفعت إلى مستويات وصلت معها مكررات الربح لأي سهم إلى مستويات مرتفعة جداً بحيث إن أي مستثمر أجنبي لن يقبل بشراء الأسهم عندها.

ورغم أن مكررات الربح لأسهم  الشركات في بورصة قطر لم تكن قد وصلت  في الأسبوع الماضي إلى تلك المستويات الشاهقة، إلا  أنها ارتفعت على أي حال في ظل توزيعات أرباح  تقل عما كانت عليه في عام 2005 لكثير من الشركات، وذلك عامل مهم عند اتخاذ أي قرار استثماري لشراء أسهم شركة ما.

 وعلى ضوء ما سبق يمكن القول إن شيئاً جديداً لم يحدث بعد قرار مورجان ستانلي، وأن المحافظ الأجنبية المتواجدة أصلاً والتي اشترت  صافي على مدى الشهور التي سبقت القرار قد قامت بعمليات بيع لجني الأرباح، فانخفضت الأسعار وتراجع المؤشر بنحو 234 نقطة.

ومن جهة أخرى يمكن القول إن المستثمرين الأجانب خارج قطر ليسوا بالضرورة على دراية كافية بأوضاع البورصة القطرية وأسهم الشركات المدرجة فيها، وأنهم بحاجة إلى بعض الوقت كي تصل إليهم المعلومات، وهو ما سعت إدارة البورصة وبعض الشركات القطرية لتحقيقه  والترويج له في ندوة انعقدت قبل أسبوع  لهذا الغرض في لندن. 

وعليه،،، قد  يتغير الوضع الراهن في الأسابيع القادمة تدريجياً نتيجة ما حدث حتى الآن؛ أي  نتيجة  صدور القرار، وما تبعه من جهود تنويرية وترويجية  قد تستمر في صور وأشكال مختلفة، وبسبب  انخفاض أسعار الأسهم  الذي هبط بالمؤشر بنسبة 2.5% في أول أسبوع بعد القرار.

هذه التطورات في مجملها قد تصنع الحدث المرتقب وهو دخول وجوه أجنبية جديدة للبورصة، ولكن ذلك قد يتأخر بعض الشيئ ويجب ألا نستعجله، فكلما  انخفضت الأسعار أكثر كلما أصبحت مغرية وجذابة أكثر للشراء.

 الجدير بالذكر أن عزوف المستثمرين عن الأسهم  في الأسبوع الماضي لم يقتصر على البورصة القطرية بل إنه كان حدثاً  عالمياً  في معظم البورصات، وقد هبط مؤشر داو جونز مساء الخميس الماضي بنحو 359 نقطة إلى مستوى 14758 نقطة، وكان قد وصل قبل شهرين إلى أكثر من 15300 نقطة.

وانخفض سعر أونصة الذهب إلى مستوى  1273 دولار للأونصة وهو  أدنى مستوى له منذ عامين ونصف.

وهذا الانخفاض في مؤشرات البورصات العالميه  وأسعار الذهب مرده حدوث تغير في السياسة النقدية لبنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي، حيث أعلن رئيسه في الأسبوع الماضي بأن سياسة التيسير الكمي التي اتبعها البنك  في السنوات الماضية بسبب الأزمة المالية العالمية، قد تغيرت، وأن ما يتم ضخه من أموال للبنوك سوف يتقلص بالتدريج على مدى الشهور القادمة، بحيت يتوقف الضخ نهائيا قبيل منتصف العام القادم، وهذا التوجه الجديد للسياسة النقدية يؤثر سلباً على أسعار الأسهم والسلع.

والخلاصة  أنه يمكن القول بأن الانخفاض القوي الذي طرأ على المؤشر وأسعار الأسهم في الأسبوع الماضي كانت له  عدة مبررات بعضها محلي نتيجة عمليات جني أرباح مستحقة، وبعضها الآخر عالمي على ضوء تغير السياسة النقدية لبنك الاحتياط الأمريكي.

وقد يستمر هذا الانخفاض في أسعار الأسهم في الأسبوع الحالي على الأقل، لحين بروز معطيات جديدة تعيد التوازن المفقود إلى الأسواق.

والمعروف في التحليل الفني لتحركات الأسعار أن انخفاضاً تصحيحياً يمكن أن يحدث بعد الارتفاعات القوية، وأن الانخفاض يكون تصحيحياً إذا لم تتجاوز نسبته 30% من  حجم الارتفاع القوي السابق.

ولأن مؤشر بورصة قطر قد ارتفع في ثمانية أسابيع بنحو 1300 نقطة، لذا فإنه من المقبول أن ينخفض  المؤشر إلى مستوى 9150 نقطة، حتى يظل انخفاضه تصحيحياً فقط.

أما إذا انخفض المؤشر إلى ما دون  ذلك، فإنه يصبح اتجاهاً جديداً  نحو الانخفاض قد يمتد لأسابيع أخرى، عندها قد تصبح الأسعار مغرية، فينجذب لها  المستثمرون من الداخل والخارج وينعكس الاتجاه مرة أخرى.

ويظل ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ، ،،،،

والله جل جلاله   أجل وأعلم،،،