قد يبدو من المناسب الآن بعد أن اتضحت الصورة -وإن كانت بشكل غير كامل- أن نشير إلى قصة ما حدث للبورصة القطرية من تطورات في الأسابيع الثمانية الماضية.
فعلى ضوء ما فهمته من عناوين الأخبار، ومن تحليل للتطورات أن جهوداً قد بُذلت في الشهور القليلة الماضية من أجل تذليل العقبات لصدور قرار عن مؤسسة مورجان ستانلي بتصعيد بورصة قطر من سوق ناشئة إلى سوق صاعدة.
وهو الأمر المرغوب لشجع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في أسهم الشركات القطرية المدرجة في البورصة.
وكانت المراجعة الدورية لأوضاع البورصة القطرية في الأعوام الماضية –ومثلها لبورصات الكويت والإمارات- تنتهي إلى تأجيل قرار التصعيد لاعتبارات مختلفة بعضها يتعلق بتقنيات التعامل مع البورصة من الخارج ،والبعض الآخر بأوضاع الشركات القطرية والحصص المتاحة للأجانب فيها.
وفي حين تم تذليل كافة العقبات الفنية قبل عامين، إلا أن محدودية حصص الأجانب في كثير من الشركات،وافتقار البورصة القطرية إلى العمق المطلوب-بسبب محدودية عدد الشركات، وتدني أحجام التداول- قد عرقل صدور القرار المنتظر في يونيو 2011و 2012.
وقد وعت الجهات المعنية في الدولة درس العامين الماضيين، وخاصة عندما أسفرت محصلة تداولات البورصة في عام 2012 عن تراجع في المؤشرات وفي الرسملة الكلية للبورصة.
ومن أجل ذلك استبقت تلك الجهات الاجتماع الدوري لمؤسسة مورجان ستانلي في يونيو هذا العام، باتخاذ مجموعة من الإجراءات التي كان لها دور مهم في صدور القرار.
والبداية كانت في السماح للمجموعة للأوراق المالية بلعب دور مزود السيولة للبورصة وهو ما يعني أن تقوم المجموعة بشراء الأسهم الراكدة التي انصرف عنها المستثمرون، كما كان عليها أن توفر الأسهم المطلوبة للشركات المرغوب في شرائها حتى لا يحدث ارتفاع كبير –لمت أب في الأسعار مثلاً-.
ويبدو أن مجموعة من المحافظ الاستثمارية قد استبشرت بهذه الخطوة خيراً ووجدت فيها فرصتها للشراء المكثف بدون وجل او خوف من هبوط مفاجئ للاسعار في فترة عُرفت تقليدياً بذلك، وهي فترة انتهاء موسم توزيعات الأرباح في أبريل ومايو من كل عام.
وبدخول المحافظ على الخط مع مزود السيولة، بدأت أحجام التداولات اليومية في الارتفاع إلى ما فوق 350 مليون ريال، ثم تجاوزت الأربعمائة، والخمسمائة مليون ريال، ثم تجاوزت الستمائة مليون في الأسبوع الأخير.
وقد تحققت هذه القفزات بفضل عامل ثالث، لم يكن الارتفاع ممكناً بدونه، وهو تمهيد الأجواء بأخبار تدعم اتجاه الصعود في الأسعار والتصعيد للبورصة.
وقد تكفلت الحكومة ممثلة في لجنة تطوير البورصة وغيرها بهذا الأمر من خلال اتخاذ القرارات المناسبة لذلك.
وقد يكون من هذه القرارات شراء الديار لأصول بقيمة 26 مليار ريال من بروة، فهذا القرار كان ضرورياً ليصبح سهم الشركة جذاباً للمستثمرين، وإلا فإن الأرباح المتحققة سنوياً وهي في حدود 500-600 مليون ريال كانت ستكفي بالكاد لتوزيع أرباح سنوية بواقع ريال ونصف للسهم، وأن تظل الديون الكبيرة بالتالي قائمة على الشركة بدون تسديد.
ومن ذلك أيضاً استملاك الحكومة لعقار للميرة بقيمة 72 مليون ريال، بما يوفر السيولة اللازمة لنمو الشركة، وقرار السماح للملاحة بإعادة شراء 5% من أسهمها، بعد أن تدنت القيمة الدفترية للسهم دون القيمة السوقية له،وكانت هناك أخبار أخرى لشركات بعينها مثل زيادة رؤوس أموال المتحدة للتنمية وقطر للتأمين والخليج التكافلي وأوريدو وصناعات.
وكان مسك الختام لهذه المعزوفة الطيبة من القرارات ما أعلنه سعادة رئيس لجنة تطوير البورصة قبل أسبوع من أن بعض الشركات قد طلبت تعديل حصص الأجانب في أسهمها، وأن الحصة لدى بعض الشركات مفتوحة إلى 100 بالمائة وفي بعضها الآخر إلى 49 بالمائة. وهذا القرار في مضمونه يعني أن الحكومة لا تمانع في زيادة الحصص إذا طلبت الشركات زيادتها عما هو مقرر في النظام الأساسي لكل منها.
وقبل أن يُرفع الستار عن قرار مورجان ستانلي مساء الثلاثاء الماضي، كانت الظروف قد تبدلت بالكامل، حيث السوق نشطة والرسملة الكلية تزيد عن 500 مليار ريال، وأحجام التداول اليومية تقترب من نصف مليار ريال،وأوضاع الشركات قد تبدلت على نحو يفتح أمامها المستقبل لتحقيق المزيد من الأرباح.
وفي حين حلق المؤشر عالياً بعد صدور القرار يوم الأربعاء وتجاوز مستوى 9500 نقطة لأول مرة منذ أكثر من عامين، إلا أن اللاعبين قد استكانو بعد ذلك وخلدوا للراحة، فحدثت عمليات جني أرباح أعادت المؤشر دون مستوى 9500 بقليل يوم الخميس.
والسؤال المطروح بعد ذلك عما قد يحدث بعد الصعود والتصعيد... هل سيدخل المستثمرون الأجانب إلى السوق،وما هي الشركات التي قد يفضلونها؟ هذا ما قد نحاول الإجابة عليه في مقال آخر.
ويظل ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ،،،،،
والله جل جلاله أجل وأعلم،،،