الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وتعنى البركة والطهارة والنماء والصلاح.وسُمِّيت بذلك لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه، وتقيه الآفات، كما قال ابن تيمية: نفس المتصدق تزكو، وماله يزكو، يَطْهُر ويزيد في المعنى. ولهذا تخسر مؤسساتنا العامة ومجتمعنا واقتصادنا المحلي الكثير حين لا تواكب ما يستجد في هذا السياق.
ولهذا كثير من الأنظمة لا يعيبها إلا ضعف استيعاب المواكبة لأن المواكبة تساعد على الإحاطة بالصورة الكلية لمقاصد الزكاة.
واحتساب الزكاة على المنشآت من المواضيع التي يجب النظر فيها، حيث أن احتساب الزكاة أو نسبة الزكاة على المنشآت تتم على أساس مكونات متعارف عليها وهي رأس المال والاحتياطات العامة والنظامية بالإضافة للأرباح المرجوة وحساب الأرباح أو الخسائر "زائدا أو ناقصا" وبالطبع يتم ذلك بعد إجراء آلية التسويات المحاسبية حسب نظام الزكاة والدخل وهي في الغالب تشمل الاستثمارات بعيدة المدى كالاستثمار في الأصول الثابتة أو في الأسهم ومن في حكمها، كما تشمل مخصصات كمكافأة نهاية خدمة العاملين، ومخصصات الديون الهالكة أو المشكوك فيها.. وغيرها، وناتج ذلك يصبح ما اصطلح على تسميته (بالوعاء الزكوي) أي ما تحتسب على أساسه النسبة الشرعية للزكاة وهي كما نعلم 2.5% مع العلم أن في الشركات هذه الأموال دائمة الحركة.
هذه الآلية مع وضوحها تطرح تساؤل مشروع.. وهو ماذا لو كان احتساب الزكاة على المنشأة سيدفع بها للخسارة التامة أو الإفلاس أو يُسرِّح عمّالها أو أنه يزيد من نسبة البطالة وما يستتبع ذلك من شرور اجتماعية بسبب أن إجمالي إيراداتها للسنة كانت مقاربة للمصروفات لنفس الفترة؟ ومهما يكن فإن المبرر الغالب في تطبيق هذه الآلية لاحتساب الزكاة وتحصيلها هو (الافتراض) بأن الزكاة مصدر إيراد وهي غير ذلك لا في المقصد ولا في المحتوى، إلا إن اختلط علينا الفصل بينها وبين الضريبة أو أريد جعلها أقرب إلى الضريبة منها إلى الزكاة الشرعية بمقاصدها النبيلة المعروفة.
فالاختلاف في الدور الوظيفي والمقصد لأن الضريبة وسيلة اقتصادية تهدف (لتبريد) درجة حرارة الاقتصاد المحلي بإخراج جزء من العملة الوطنية من الدورة الاقتصادية بقصد ضبط حجم الطلب الكلي داخل الاقتصاد أي أنها وسيلة ناجعة لكبح حجم السيولة النقدية لمنع التضخم بحيث لا يتجاوز الحد المعقول والمسموح به أو أقلها يكون مساويًا لما هو معروض للبيع داخل الاقتصاد الوطني، وهو أمر يختلف عن الزكاة.
فإذا افترضنا أن الاقتصاد الكلي لدولة ما هو (هايبر ماركت) ضخم وبه منتجاتها المتنوعة التي تكفي حجم الطلب الكلي فإن السيولة في الاقتصاد الكلي يشترط أن تساوي ما هو معروض للبيع في ذلك (الهايبر ماركت) والوسيلة لذلك الضريبة سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة.
وبما أن أي دولة هي صاحبة حق إصدار عملتها الوطنية فإن الضريبة ليست آلية لتمويل إنفاقها، فهي لا تحتاجها لطباعة أي كمية من السيولة النقدية، وإنما تحتاجها كآلية لجمع السيولة الفائضة التي تضر الاقتصاد المحلي.
ويبدو الفرق شاسع بين المفهومين.
ولكن بسبب تداخل المفاهيم تبدو بعض التطبيقات في أنظمة مصلحة الزكاة والدخل تأخذ من معايير الضريبة أكثر من ممارسات الزكاة الشرعية.
شكرا أخ سعيد على المقال الجميل والمعلومات القيمة ، فالزكاة كما عرفها فقهاء الشريعة - حق مقدر فرضه الله في أموال المسلمين لمن سماهم في كتابه من الفقراء والمساكين وسائر المستحقين ويجب على كل مسلم اخراج الزكاة فهى تزكية وتطهير لامواله.. أما الضريبه فهى كما عرَّفها علماء المالية: فريضة إلزامية. يلتزم الممول بأدائها إلي الدولة، تبعًا لمقدرته علي الدفع، بغض النظر عن المنافع التي تعود عليه من وراء الخدمات التي تؤديها السلطات العامة.
ومن أمثلة المواكبة التي طالما اقترحتها؛ اذا كانت تجارتك في الأدوية ؛ لماذا لا تكون زكاتك من هذه الأدوية ؟ واذا كنت تاجر أرزاق ؛ لماذا لا تكون زكاتك من الأرزاق .. كل على حسب نوع صنعته وتجارته ... ولكن للأسف التشريع هنا موقوف على جهة معينة تحتاج الكثير من الوعي والتطوير ..