تناولت في المقالين السابق قضية الجمود في أعداد الشركات المدرجة في بورصة قطر عند مستوى 42 شركة دون أية زيادة.
وبالبحث في القطاعات المختلفة التي يُمكن تصور إنشاء شركات مساهمة جديدة وإدراجها في البورصة، وجدت أن هناك فائض في عدد شركات البنوك-خاصة مع وجود بنوك لدى مركز قطر للمال- وينطبق الأمر ذاته على قطاع التأمين.
واستبعدت إمكانية قيام شركات جديدة في قطاعي الاتصالات والنقل أو التوسع في إنشاء شركات جديدة لصناعة الإسمنت.
وأشرت إلى أنه في المقابل هناك مجال لإضافة شركات جديدة يتم إدراجها في البورصة عن طريق تقسيم شركة صناعات إلى عدة شركات تتخصص في البتروكيماويات والأسمدة الكيماوية والحديد، مع تقليص حصة الحكومة في الشركة إلى 30%.
كما يمكن خصخصة شركة الصناعات الوسيطة وإدراجها في البورصة. وطالبت بتخلي الحكومة عن حصتها في بروة حتى لا تظل عملاقاً ينافس شركات التطوير العقاري الأخرى بدعم من الحكومة.
وفي مجال شركات التجزئة اقترحت إنهاء الاحتكار الذي تتمتع به شركات مثل وقود ومواشي وزاد، لأن ذلك يساعد في تحقيق درجة أعلى من الشفافية وفي إدارة الدعم الحكومي بشكل أفضل.
وأشرت إلى أن الزيادة السكانية المضطردة تسمح بوجود أكثر من شركة واحدة في مجال المجمعات الاستهلاكية ولو بالتعاون مع شركات اللولو وكارفور وغيرها.
وأضيف اليوم إلى ما سبق أن قطاع الفنادق والسياحة لا يوجد له في البورصة القطرية أي تمثيل، وقد يرجع ذلك إلى هيمنة الحكومة على هذا القطاع بالتعاون مع الشركات الأجنبية صاحبة الإمتياز للعلامات المشهورة في الفنادق.
ولو تخلت الحكومة عن جزء كبير من حصتها في هذا المجال، فإن ذلك سيفتح المجال لإدراج عدة شركات على غرار ما هو معمول به في السوق السعودي.
كما أن شركة الكهرباء والماء تتوسع بشكل مضطرد رغم إمكانية وجود أكثر من شركة في هذا المجال.
ولو تحققت التوصيات المشار إليها أعلاه وفي المقالين السابقين، فإن ذلك سيفتح المجال لزيادة عدد الشركات المدرجة في البورصة في مرحلة أولى بنحو 16 شركة إلى 58 شركة.
ولا تقتصر الفائدة المرجوة من ذلك على زيادة العدد فقط، ولكن ذلك سيساعد على تحقيق فوائد أخرى عديدة منها:
1-يزيد من كفاءة التشغيل والشفافية في إدارة الشركات ويقوي المنافسة بينها، لتحقيق نتائج أفضل للاقتصاد القطري دون الاعتماد على الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر.
2-يفتح المجال لضخ دماء جديدة في العديد من الشركات بدلاً من احتكار عضوية مجالس الإدارات، وخاصة العضوية القائمة على التمثيل الحكومي في المجالس دون أن يكون لدى أصحابها العدد اللازم من أسهم الشركات المعنية.
ويؤدي مثل هذا التوجه إلى فائدة جانبية تتمثل في انتعاش أسعار أسهم الشركات التي يتم التنافس على شغل المراكز الشاغرة في مجالسها.
3- أن مثل هذا المناخ الذي تشيع فيه روح المنافسة والشفافية يشجع أصحاب الشركات العائلية على اتخاذ القرارات المطلوبة لإدراج شركاتهم في البورصة.
ويؤدي ذلك إلى إدراج العديد من الشركات في مجالات المقاولات، والصناعات الخفيفة، والتجارة والمطاعم، بحيث قد يرتفع العدد إلى ما بين 65-75 شركة في مرحلة تالية.
إن المزاحمة الحكومية في القطاعات الاقتصادية خارج قطاعي النفط والغاز، قد ساعدت في تقديري على جمود عدد الشركات المدرجة في البورصة، وذلك عائد لسببين الأول: أن سياسة إدارة الشركات التي تساهم فيها الحكومة تقوم على تحبيذ الحجم الكبير للشركات بما ينفي الحاجة إلى إنشاء شركات أخرى منافسة، وقد رأينا ذلك في شركات صناعات وبروة والكهرباء والماء، واوريدو ووقود، وإدام وزاد، رغم أن تضاعف عدد السكان خلال العقد الماضي كان يستلزم تغيير تلك السياسة لضمان الشفافية وإذكاء روح المنافسة الحقيقية.
والثاني: إن إمساك الحكومة بزمام المبادرة في تأسيس الشركات المساهمة وإدراجها في البورصة يتعزز سنة بعد أخر بدلاً من أن يتراجع لانتفاء الحاجة له، والدليل على ذلك ما يتم التخطيط له حاليا من طرح شركات جديدة ستساهم الحكومة فيها بنسبة 50 بالمائة، وأولها شركة الدوحة للاستثمار العالمي.
إن مثل هذه السياسة كانت مطلوبة في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي لأسباب كثيرة كان يأتي في مقدمتها الرغبة في تأمين مصادر دخل أخرى بعيداً عن النفط، وضعف إمكانيات القطاع الخاص مادياً وافتقاره للخبرات اللازمة للتوسع في إنشاء الشركات المساهمة العامة.
أما الآن فإن الحكومة قد نجحت في تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل سواء بدخولها عصر إنتاج الغاز وتصنيعه، أو من خلال استثماراتها الضخمة في الخارج.
كما أن القطاع الخاص القطري قد قويت سواعده وتضاعفت إمكانياته وتعززت خبراته بحيث أصبح قادراً على إنشاء الشركات الضخمة وإدارتها إذا ما أتيحت له الفرصة الكاملة لذلك.
وتظل هناك نقطة أخيرة تستحق الإشارة إليها وهي أن المساهمة الحكومية في إنشاء الشركات وإدارتها، قد لا تضمن النجاح لبعض تلك الشركات رغم كل ما يتم تقديمه لها من دعم.