فريق كرة بدون كورة

29/04/2013 0
سعيد بن زقر

مصطلح (ضمان وظيفي) من أكثر الكلمات المشوشة حينما يُربط بضبط الفقر.. لأن الأخير نفسه يُمثِّل إشكالية من حيث المفهوم، فأمره مختلف عليه باختلاف الشعوب وثقافاتها، كما لا يوجد إجماع أكاديمي حول بعض مفاهيمه، وذلك لتداخل تعريفه بالعوامل الاقتصادية بالاجتماعية وغيرها من العوامل التي تؤثر في الفقر، لذا أميل إلى "المتفق" عليه حول مفاهيم الفقر، مثل وجود ارتباط بين الفقر والنقص في إشباع حاجات الفرد الأساسية،ولأن ثقافتنا المحلية تميل إلى الربط بين الضمان الوظيفي والحد من الفقر، باعتبار الفقر نوعًا من الحرمان المادي الذي ينعكس على الفرد بانخفاض حصته من الغذاء، كمًا ونوعًا، ويؤثر بالتالي في تدني وضعه الصحي وجودة تعليمه وسكنه المريح، وقد يضيف البعض مفاهيم أخرى مثل فقدان الفرد للضمانات الأساسية لمواجهة قسوة الحياة ومصائبها كالإعاقة والبطالة. ويمكن الجزم أن الفقر ليس عيبًا خلقيًا أو عارًا اجتماعيًا إنما ظاهرة كونية تحدث في كل مجتمع.

وضبط الفقر من خلال الضمان الوظيفي ليس أمرًا مستحيلًا، ومعالجته بالرؤى الاقتصادية الشمولية والبرامج الناجحة مُجرَّب وحقَّق نجاحًا ملحوظًا عبر برامج الضمان الوظيفي الذي استخدم في اقتصاديّات متقدمة مثل "الأميركي"، الذي زاد من وتيرة الإنفاق الحكومي في عهد الرئيس الحالي باراك أوباما لدعم الطبقة الوسطى بما يُشبه (دولة الرعاية الاجتماعية).

ومع أنه ثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الفقر لا ينتهي في أي مجتمع، لكن برامج الضمان الوظيفي المعتمدة من الحكومات، اتكأت عليها كل التجارب الناجحة المسنودة بإنفاق حكومي لأن برامج الضمان الوظيفي هذه ظلت تختلف من حيث الدرجة عن التوظيف الجاري عبر برامج نطاقات وغيرها، والأخيرة برامج تشغيلية قصيرة المدى وقليلة التأثير؛ إذا ما قورنت بالبرامج الاستراتيجية، ولهذا يُشبّه البعض غياب الضمان الوظيفي الحكومي في أي اقتصاد، والاعتماد على البرامج القصيرة بوجود فريق كرة قدم دفع للعب على "نجيلة خضراء نظيفة"، وبتشكيلة مناسبة ومدرب كفء، لكن الفريق تنقصه الكرة، فكيف إذن لهذا الفريق أن يُحقِّق فوزًا أمام منافس شرس (كالفقر)، بل كيف له تحقيق أي هدف في شباك الفقر، ناهيك عن جذب مشاهدين أو مشجعين.

لا أحد يجادل في أن معالجة الفقر ضرورة حياتية وفريضة إسلامية، تحتاج لهذه الكرة؛ المتمثلة في وجود برامج ضمان وظيفي استراتيجي مدعوم، تتضافر معه جهود فرعية من أفراد ومنظمات ربحية وغير ربحية، لتدفع كلها نحو كسر نسبة الفقر إلى درجة مقبولة؛ يرجى أن تتراوح في حدود 2%.