جونسون آر ميسون أستاذ مادة القانون في جامعة ييل ومؤلف كتاب مهم اسمه (تهشيم أخلاقيات شركات الأعمال) الكتاب والكاتب جديرين بالقراءة، وقد تذكرت الكتاب حين فاجأني زميل بإعادة رسالة على البريد الالكتروني تقول ما مفاده: أنه كسب جائزة يا نصيب قدرها مليون دولار أمريكي، وليس مطلوبًا منه سوى حسابه المصرفي لتسلم المبلغ.
البروفسور جونسون آر ميسون يشير إلى أن النصب بهدف الثراء السريع كظاهرة أقدم مما نعتقد، فالنصب صاحب تجربة الإنسان منذ نشوء النشاط التجاري البدائي، ويستنتج الكاتب بأن الاحتيال والنصب سيستمران طالما ظل البشر يمارسون العمل التجاري، ولحديث بروفسور جونسون صلة بما يجري في البورصات العالمية ومنها سوق (وول ستريت)، فهل ما يجري في هذا السوق يلتزم بالنزاهة التامة والانضباط وأخلاقيات التعاملات الاستثمارية؟ أم يوجد لصوص"ببدلات أنيقة" غير شرفاء في أنشطة سوق (وول استريت)؟ ولماذا اندفع الرئيس روسوڤيلت لسن تشريعات صارمة لضبط بيع الأسهم وشرائها في سوق وول ستريت؟!
إن صرامة أنظمة سوق (وول ستريت) تجيب على هذه الأسئلة، لأنها هدفت لمنع تحايل قد يكون وقع بالفعل،وبخاصة التحايل على ضحايا إما بشراء أسهم أو بيعها أو غش المواطن لكي يستثمر في سوق المال على أسس غير صحيحة، كأن يقال له أن هذه الشركة رابحة دون أن يكون ذلك صحيحا. وهو ما يقود لسؤال حول طبيعة (وول ستريت)، وما إذا كان بؤرة طبيعية للنصب والاحتيال؟!
سوق (وول ستريت) شأنه شأن الكثير من الأنشطة، يوجد فيه أفراد "مدلسين" غير ملتزمين بأخلاقيات السوق أو أنظمة النزاهة فيه، بل إن هناك مؤسسات كبيرة مثل "جولدمان ساكس" مارست في الفترة الأخيرة ما يمكن اعتباره جرائم مالية خالفت أنظمة السوق وقوانينه، حيث اتضح من التحقيقات التي أجريت بأن هذه المؤسسة الكبيرة ابتدعت منتجات غاية في التعقيد، ثم تحايلت بالتأمين عليها، ثم حصلت على تصنيف بالثقة فيها من وكالات ذات سمعة "كاستاندر آند بووز"، ثم بعد بيعها ذهبت وأمنت ضد مخاطرها لأنها تعلم بحجم التحايل على الأنظمة، وانتهى الأمر بتحمل الضحايا جريرة "جولدمان ساكس" دون أن نرى أيًا من المديرين قد ألقي القبض عليه ليدفع ثمن ما قام به من تحايل على الأنظمة، ولذلك ستستمر الممارسات غير الأخلاقية في كل الأنشطة، وفي كل أسواق العالم، ويصدق المتنبي حين يقول:
كلما أنبت الزمان قناة
ركب المرء في القناة سنانا!