عرضت في المقالات السابقة من هذه السلسلة لملامح الاقتصاد القطري في عام 2012 من عدة زوايا، كانت على التوالي: الأسعار والتضخم، الناتج المحلي الإجمالي، والبورصة القطرية. وانتقل اليوم للحديث عن الجانب المالي لملامح الاقتصاد كما تعكسها بيانات الجهاز المصرفي؛ وتحديداً بيانات الميزانية الشهرية المجمعة للبنوك ما بين ديسمبر 2011 وديسمبر 2012. ويهمني في الملامح المصرفية التعرف على مدى التغير الذي طرأ على إجمالي موجودات البنوك ومطلوباتها، وإجمالي الودائع للقطاعين العام والخاص، وإجمالي التسهيلات المحلية المقدمة للقطاعين، بما في ذلك الدين العام المحلي، والائتمان المقدم لكل نشاط من أنشطة القطاع الخاص على حدة.
وأول ما أبدأ به إجمالي موجودات البنوك وما يقابلها من مطلوبات، حيث تشير الأرقام المتاحة إلى أن كل جانب منهما-وهما بالضرورة متساويان- قد ارتفع في نهاية عام 2012 بنسبة 17.5% ليصل إلى 820.5 مليار ريال مقارنة بـ 698.4 في نهاية عام 2011. والملاحظ بداية أن نسبة نمو الموجودات تزيد عن نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، والمتوقع لها أن تكون في حدود 11% -كما أشرت إلى ذلك في مقال سابق-. ويعود السبب في ذلك إلى أن جزء كبير من زيادة الموجودات عائد إلى التوسع الكبير في نمو ائتمان القطاع العام في الوقت الذي نما فيه ائتمان القطاع الخاص بشكل أقل.
والملاحظ بهذا الخصوص أن التسهيلات الائتمانية المقدمة للحكومة والقطاع العام قد زادت في عام 2012 بنسبة 46.4% لتصل إلى 218.5 مليار ريال مقارنة بـ 149.2 مليار ريال في نهاية عام 2011. وكان نصيبب الحكومة من هذا الإجمالي 51.7 مليار ريال بزيادة بنسبة 26.7%، ثم المؤسسات الحكومية 139.6 مليار ريال بنسبة نمو 54.1%، ثم المؤسسات شبه الحكومية بقيمة 27.2 مليار ريال وبنسبة نمو 52.8%. وهذه الأرقام لا تشمل الدين الحكومي الخارجي، ولا أوذنات الخزينة، وهذه الأخيرة نمت في عام 2012 بنسبة 17.9% لتصل إلى 123.7 مليار ريال. ومن الواضح أن نسبة نمو حصة الحكومة والقطاع العام من الائتمان المصرفي كانت مرتفعة وتزيد عن أربعة أمثال نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية.
وفي المقابل فإن نمو الائتمان المحلي المقدم للقطاع الخاص قد بلغ 13.5% فقط-وهي نسبة تنسجم إلى حد كبير مع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي- ليصل رصيد الائتمان في نهاية السنة إلى 259.6 مليار ريال مقارنة بـ 228.7 مليار قبل عام. وقد توزعت الزيادة البالغة 30.9 مليار ريال على الأنشطة الاقتصادية التالية:
*10.8 مليار ريال لأنشطة الخدمات، ارتفع بها رصيدها إلى 26.9 مليار ريال.
*9.3 مليار ريال لنشاط العقارات ارتفع بها رصيده إلى 85.5 مليار ريال.
*6.3 مليار ريال لنشاط التجارة ارتفع بها رصيدها إلى 33.2 مليار ريال.
*3 مليار ريال لنشاط القروض الاستهلاكية للأفراد، ارتفع بها الرصيد إلى 71 مليار ريال.
*2.2 مليار ريال للنشاط الصناعي ارتفع بها الرصيد إلى 9.3 مليار ريال بزيادة.
*1.7 مليار ريال للأنشطة الأخرى ارتفع بها الرصيد إلى 5.7 مليار ريال.
*0.3 مليار ريال للمقاولين ليصل الرصيد إلى 16.5 مليار ريال .
*هذه الزيادات أعلاه تبلغ في مجموعها 33.6 مليار ريال، وقد قابلها تراجع في الائتمان الممنوح للقطاع المالي غير المصرفي بقيمة 2.7 مليار ريال، ليصبح إجمالي الزيادة في عام 2012 نحو 30.9 مليار ريال كما هو مبين أعلاه. ويتضح من التوزيع المشار إليه أن أنشطة الخدمات قد حصلت على ما نسبته 35% من الزيادة المشار إليها في حجم الائتمان، في حين حصل نشاط العقارات على 30% منها، ونشاط التجارة على 20% والقروض الإستهلاكية للأفراد على 9.7%، والنشاط الصناعي على 7%، وكانت حصة المقاولين في الزيادة محدودة جداً،في حين تراجعت التسهيلات الممنوحة للشركات المالية غير المصرفية.
وفي جانب المطلوبات نجد أن ودائع القطاع العام قد نمت في مجملها بنسبة 14.4% إلى 180.7 مليار ريال،وتحقق معظم الزيادة لودائع المؤسسات الحكومية التي ارتفعت بنسبة 81.9% إلى 104.4 مليار ريال، في حين ارتفعت ودائع الحكومة بنسبة 9.3% فقط إلى 44.6 مليار، وارتفعت ودائع المؤسسات شبه الحكومية بنسبة 14.4% إلى 31.7 مليار. وفي جانب القطاع الخاص نمت الودائع بنسبة 8.6% فقط إلى 236.6 مليار ريال.
وإذا كانت تلك ملامح أرقام الجهاز المصرفي في عام 2012، فما هي التوقعات المحتملة لها في عام 2013 على ضوء ما أشرت إليه في مقالات سابقة عن توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك أداء الشركات المساهمة.
ويظل ما كتبت في هذا المقال رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله جل جلاله أعلم.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع