سوق دبي ..الأموال الغبية والذكية بين الحقيقة والأسطورة

06/02/2010 5
محمد سليمان يوسف

بعد انهيار بنك ليمان براذرز الذي أشعل فتيل الأزمة المالية العالمية – وخلال أيام قليلة فقط – انخفض سوق دبي المالي بسرعة البرق دون مستوى ألف وخمسمئة نقطة وأصيب المتداولون بالصدمة والهلع الشديد فهرب المضاربون واحتار المستثمرون بشأن خطوتهم القادمة خاصة وأن ضغوط البيع العشوائي نالت من جميع الأسهم دون استثناء وهبط الكثير منها  دون القيمة الدفترية والإسمية بل إن بعضها مثل سلامة وتبريد وديار انخفض دون مستوى خمسين فلسا  قبل أن يتجه السوق نحو الإستقرار والتذبذب الهادئ  ضمن نطاق ضيق جدا بالكاد تجاوز مداه مئة  نقطة ولأسابيع عديدة.. وهنا يأتي السؤال  الهام جدا ..  ماذا حصل في تلك الأسابيع العديدة ؟

في الفترة الممتدة من شهر كانون الثاني إلى نهاية شهر نيسان من السنة الماضية وبسبب الخوف واليأس والملل وفقدان الثقة بالسوق باع الكثير من المستثمرين أسهمهم عند القاع وبأبخس الأثمان .. فمن الذي اشترى منهم ؟!.. المتربصون هم من اشترى  .. والمتربصون هم قناصو الفرص الذين ينتظرون ويراقبون حالات الإنهيار المفاجئ والمخيف و السريع ليبدأوا لعبتهم بهدوء وشراء الأسهم عند القاع وبأرخص الأسعار  عبر ما يعرف بـ "الأموال الذكية " .. وكي نقر جميعا بأن ما نتحدث عنه هو فعلا "أموال ذكية" علينا أن نقر  أيضا بأن هذه الأموال تشتري عادة من "الأموال الغبية " .

إن أصحاب "الأموال الذكية" ومديروها ليسوا أفرادا عاديين – كالموظفين والمهنيين والحرفيين وأصحاب الورش  والدكاكين – بل هم أشخاص طبيعيون واعتباريون من ذوي النفوذ وقادرون على الوصول إلى المعلومات المؤثرة في حركة الأسواق قبل غيرهم بل وهم بعكس أصحاب "الأموال الغبية" يعملون بمهنية وحرفية عالية جدا  بعيدا عن المشاعر والعواطف الفردية ولذلك هم الأقدر على اقتناص الفرص وتحديد  وقت الشراء والبيع وتحقيق أكبر المغانم .

لا شك أن حركة المؤشر العام لسوق دبي المالي- انظر إلى المخطط الفني لحركة مؤشر سوق دبي -  خلال الفترة الممتدة من  بداية أيار وحتى نهاية تموز تشير بوضوح إلى أن الأموال الذكية "صرًّفت" ما لديها من أسهم خلال تلك  الفترة وبدأت رحلة تجميع جديدة امتدت من بداية تموز وحتى نهاية آب ثم قامت بالتصريف مرة أخرى خلال الفترة الممتدة من منتصف أيلول وحتى نهاية كانون الثاني الماضي ومن المرجح حاليا أن أصحاب هذه "الأموال الذكية " بدأوا بالشراء والتجميع عند المستويات الحالية استعدادا لجولة صعود جديدة لتصريف ما اشتروه  خلال الفترة الماضية  .

قد يكون الإستنتاج حول الجولة القادمة للسوق خاطئا أو صحيحا ، لكن الحقيقة التي لا تقبل الشك على الإطلاق أن الأسواق تهبط لترتفع  ثم ترتفع لتهبط  و"الأموال الذكية" تختار الهبوط لتشتري وتنتظر الصعود لتبيع بعكس "الأموال الغبية" التي تخاف عند الهبوط فتبيع وتطمع عند الصعود فتشتري متأثرة بعواطف جياشة لا قيمة لها في أسواق المال .

خلاصة القول:  إن "الأموال الذكية" حقيقة وليست أسطورة  وإن أردت أن تسلك سلوك أصحاب "الأموال الذكية" وتحقق النجاح والأرباح  فالأمر صعب ، وإن كنت مصرا فعليك أن تستعد لمعركة كبيرة وأن يكون سلاحك منظومة من  الإستراتيجيات العظيمة  والتكتيكات النادرة كأن تمتلك قدرات خارقة في التحليل المالي والفني وأن تدع عواطفك جانبا وأن تجمد أعصابك في قالب ثلج وأن تكون صديقا لمئة مسؤول - كرئيس ومدير ومحاسب ومدقق – فعال في الشركات المساهمة العامة وفوق هذا وذاك عليك أن  لا تبع عندما يكثر البائعون ولا تشتري عندما يكثر المشترون وأن يكون في محفظتك الكثير من السيولة والقليل من الأسهم فإن فعلت كل ذلك وأنجزت وأصبحت من الرابحين سيهلل لك عندها الجميع بالتأكيد وسيخرجونك من قائمة "الأموال الغبية " ويحسبونك على قائمة "الأموال الذكية ".