كثرت في الآونة الأخيرة على مستوى العالم مشاريع صناعة تدوير المخلفات. لكن الملاحظ عليها «غض الطرف» عما تسببه منتجاتهامن آثار سلبية على المجتمع والبيئة!في ظل غياب دور الجهة التي تقنن استخدامات هذه المنتجات! فقد استوقفني الحديث الذي أدلى به للصحافة مدير صحة البيئة بوزارة الصحة السعودية عن وجود مصانع غير خاضعة للرقابة تنتج أكياس بلاستيك من مواد معاد تصنيعها (مدورة التصنيع)،وما تشكِّله من خطر على صحة البيئة.كونها تحتوي على عناصر معدنية ثقيلة، مثل الرصاص والزرنيخ،وكثير من المواد الهيدروكربونية الضارة،مؤكدا على انتشار هذه المنتجات الرديئة بكميات كبيرة في الأسواق، وأن ذلك نتيجة ضعف الرقابة على المصانع التي لا تتقيد بالشروط والمواصفات كونها تستخدم مواد وألوانا رديئة الصنع تحتوي على عناصر معدنية ضارة، ومحذرا (أيضا) من نقل أو حفظ اللحوم بأكياس البلاستيك المخصصة للنفايات.
والحقيقة أننا نشاهد ظاهرة انتشار مصانع إعادة التدوير على مستوى العالم، التي تنتج مواد تدخل في استخدامات كثيرة، مثل حفظ وتغليف ونقل الأطعمة بأنواعها. وهذا الموضوع يقودنا إلى الحديث عن قضية التخطيط الاستراتيجي الصناعي، وأهمية أن لا يتعارض النمو الصناعي في أي مجال مع صحة البيئة، وبما يستوجب التنسيق فيما بين مختلف الجهات الرسمية المعنية. فمثل هذه المصانع كان من الواجب قبل منح تراخيصها التنسيق مع وزارة الصحة لضمان عدم توزيع منتجات بالأسواق قد تتسبب في أضرار بيئية. لأن الواقع يشهد أن هناك فجوة بين صحة المواطن ومجالات استخدامات هذه المنتجات؛ففي الوقت الذي تحذر فيه صحة البيئة من استخدام أكياس النفايات لنقل اللحوم، نجد البلدية تبيع للناس أكياس النفايات في المسالخ لتنقل فيها الذبائح بعد ذبحها في المسالخ! ثم إن مشاريع بناء المصانع لا شك أنها تكلف رجال الأعمال والاقتصاد الوطني الكثير! وبالتالي فليس من المعقول أن يمنح رجل الأعمال رخصة مصنع من الجهة المعنية بعد استكمال كل المتطلبات، وبعد أن يبدأ في الإنتاج ويقف على رجليه، تأتي جهة أخرى كوزارة الصحة أو البلديات لتوقف هذا المصنع، بحجة أنه يسبب ضررا بيئيا. ولا ننسى أن المصانع ما هي إلا لبنات في جسم كيان الاقتصاد الوطني تزيد من الناتج القومي وتوظف عددا من المواطنين، ومن الواجب المحافظة عليها ودعمها ودعم القائمين عليها قدر الإمكان.
وهذه القضية تذكرنا بالمجمعات الصناعية التي تمنح تراخيص داخل الأحياء السكنية في المدن الرئيسية. وأخص منها التي تستخدم غازات مؤكسدة لعمليات لحام الحديد ولدهانات السيارات وغير ذلك.
ومثال آخر مصانع الإسمنت والأسمدة التي نراها داخل المدن، والتي نرى سحب الغازات والتلوث الجوي المنبعث منها مع بزوغ شمس كل صباح، وهي تعلو سماء العاصمة الرياض! بل إن الأمر بلغ بمصفاة النفط التي من البديهي أن الغاز المنبعث منها محترقا ليجول في الأجواء ويهبط في مختلف الأحياء ليتنفسه الإنسان والحيوان والنبات... لا شك أنه مضر بالصحة، ويزيد من تكلفة الخدمات الصحية ويشكل عبئا إضافيا غير مبرر على الاقتصاد الوطني.
وختاما..يبدو أن لب المشكلة يكمن في عدم تنسيق الأجهزة المعنية بالصناعة مع الأجهزة المعنية بصحة البيئة. والحل في ربط كل هذه الجهات بالاقتصاد والتخطيط،لأن العلة في غياب التخطيط المتكامل.
نتظر قلمك وفكرك تجاه الشهادات الاكاديمة الوهمية واثرها في المجتمع سواً اقتصادياً او غيره