تعارض المصالح و هيئة السوق المالية ...!!

15/11/2012 8
د . جمال شحات

نشرت جريدة الاقتصادية عن مصادر مطلعة  أن مشروع برج هيئة السوق المالية الواقع في مركز الملك عبد الله المالي، مخالف لنظام الهيئة نفسها بالنظر إلى أن الهدف منه كان استثمارياً بحيث يتم تأجير جزء كبير منه،وهذا "في حد ذاته مخالف قانونياً للمادة الربعة التي تمنع الهيئة من الأنشطة التجارية والاستثمارية".

وتنص المادة الرابعة من نظام هيئة السوق المالية على أنه: "يحظر على الهيئة أن تقوم بأي نشاط تجاري، أو أن تكون لها مصلحة خاصة في أي مشروع بقصد الربح، أو أن تقترض أو تقرض أي أموال، أو أن تقتني أو تمتلك أو تصدر أي أوراق مالية".

وهنا يثور سؤال هام وهو كيف قامت الهيئة بهذه المخالفة الواضحة والصريحة لنظامها ...؟!! ثم كيف تتصرف عند تعارض المصالح  Conflict of interestوالذى من الممكن ان يحدث فى حالات كثيرة ومع شركات عديدة تخضع فيه هذه الشركات لتنظيم ورقابة هيئة السوق المالية ..!!

وهناك سؤال اخر وهو من اين تحصل هيئة السوق المالية على  تمويل  قيمة البرج الكبيرة جدا ...؟!! الاجابة الطبيعية عن هذا السؤال هو من الغرامات التى تفرضها الهيئة على الشركات والافراد المخالفين لانظمة هيئة السوق المالية وهنا يثور سؤال طبيعى ومنطقى اليس من الممكن ان تلجأ الهيئة الى التعسف فى فرض تلك الغرامات ليتسنى لها تمويل مشروعها القائم ....!!

مما سبق يتضح ان هناك ثغرات كثيرة فى قيام الهيئة لواجبها مثل تعارض المصالح او التعسف فى استخدام حقها فى فرض الغرامات والعقوبات على المخالفين من الشركات والافراد ...!!

ان ابسط قواعد واجراءات الرقابة والضبط الداخلى – الذى نطالب به شركات السوق – ينبغى ان يكون متوفرا فى هيئة السوق المالية بحكم كونها هيئة تنظيمية ورقابية هامة ولها دور هام للغاية لاينكره الا جاحد ..!! وهنا بيت القصيد الا وهو فصل الدور التنظيمى عن الدور الرقابى للهيئة حتى لا تكون خصما وحكما ويحدث تعارض المصالح الذى تحدثنا عنه آنفا.

وقد كتبت منذ مدة طويلة مقالابعنوان ( هيئة الرقابة المالية ..!!) اقترحت فيه فصل هذين الدورين المتعارضين وبذلك يكون لهيئة السوق المالية الدور التنظيمى للسوق وشركاته مثل اصدار التشريعات واللوائح والانظمة الحاكمة والمهيمنة على شركات السوق وتنظيم أعمالها .

وهناك دور رقابى منوط بهيئة الرقابة المالية منفصل عن دور  هيئة السوق المالية الاوهو معاقبة المخالفين وفرض الغرامات والفصل فى المخالفات ..!!

إن وجود هيئة مستقلة ومحايدة سيؤدى الى حل الكثير من الاشكاليات القائمة فى اسواقنا المالية ... وسيجعل الناس يعتقدون ان اسواقنا المالية محكومة بعين الرقيب بدلا من التساهل الذى يصف به البعض هيئة السوق المالية أو انها تكيل بمكيالين ..!! واذا قامت هيئة الرقابة المالية بفرض غرامات او جزاءات فلن يعتبر احدا انها مستفيدة من هذه الغرامات كما يشعر البعض او يصرح بان هذه الغرامات تذهب الى جيب هيئة السوق بما يعنى انها مستفيدة من فرض تلك الغرامات وكانها اصبحت ادارة للجباية وليست لتنظيم السوق وتعميقها ..!!!

إني اعتبر أن تعميق الاسواق المالية لا يكون فقط بقيام العديد من الشركات فقط ..!! بل إن من أهم اسباب تعميق الاسواق هو قيام هيئات رقابية قوية ومستقلة تشعر المتعاملين فى السوق ان الجميع يحتكم الى الضوابط والاجراءات الرقابية . ويؤدى ذلك الى تعميق وتطبيق معايير الإفصاح والشفافية. وذلك بعد قيام هيئة السوق المالية بوضع القرارات التنظيمية و الاجراءات الجيدة والتى تنظم العمل فى اسواقنا المالية بصورة جيدة مع الاستفادة من تجارب الأسواق العالمية.
 
ان هذا الاقتراح يبعد تماما هيئة السوق المالية عن الوقوع فى مخالفة انظمتها ولوائحها ويبعدها عن تعارض المصالح وكذلك عن وقوفها فى بعض الاحيان كخصم وحكم امام شركات السوق ...!!