سرير المواطن

16/09/2012 2
خالد الكلابي

الحكومة السعودية من خلال القطاعين العام والخاص توفر الرعاية الصحية لسكانها من خلال حوالي 370 مشفى يعمل بها أكثر من 62 ألف طبيب وممرض، وعدد الأسرة المتاحة للمرضى يبلغ 45 ألف سرير، بواقع أقل من 2 سرير لكل 1000 نسمة، وستزداد أعداد هذه الأسرة بواقع 26 ألف سرير مع الانتهاء من إنشاء أكثر من 120 مستشفى تمت الموافقة عليها؛ هناك أيضا أقل من طبيبين وأقل من 4 ممرضين لكل 1000 إنسان في السعودية.
الأرقام لا تعني شيئا وحدها وإنما هي مؤشر لما هو متوافر بالمقارنة مع الدول الأخرى، فألمانيا توفر حوالي 9 أسرة و 8 ممرضين و 4 أطباء لكل 1000 نسمة، أما بريطانيا فتوفر 4 أسرة و 12 ممرضا و 3 أطباء لكل 1000 بريطاني.
أما خليجيا فإن مؤشراتنا المقارنة حاليا هي الأقل، حيث تتفوق كل من البحرين وقطر وعمان على التوالي، تليها الكويت فالإمارات، وأخيرا السعودية. بالنتيجة توسعت الدولة في الإنفاق على الصحة وسهلت إجراءات شركات التأمين لتحفيز القطاع الخاص، فأنفقت 52 مليارا في 2009 و61 مليارا في 2010 (11 بالمائة من الميزانية ) و68.7 مليار في 2011 (12بالمائة من الميزانية) و86.5 مليار في 2012 (13 بالمائة من الميزانية)،
ووزارة الصحة لاعب أساس في قطاع الرعاية الصحية ومالك رئيس للمستشفيات بواقع 60 بالمائة. كما تقوم بالرقابة على مشافي القطاع الخاص الذي يملك 31 بالمائة منها، فيما تملك الوزارات والهيئات الملكية والمؤسسات الحكومية 9بالمائة. شركات التأمين أصبحت أيضاً لاعباً رئيساً في القطاع وهي تضغط باستمرار على مرافق القطاع الخاص لخفض تكاليفه، وبالتالي التأثير على جودة الخدمة المقدمة لتحقق أرباحها.
سنتفهم جميعا واقعنا لو أن النقص في الكم (الموارد المتوافرة) ولّد زيادة في النوع ( جودة الرعاية الصحية ) لكن الواقع المرير الذي تشهده المشافي الحكومية بمواعيدها الأزلية والحوادث الطبية المتكررة التي نقرأها في الإعلام عن فقدنا اخوتنا المواطنين الأبرياء الذين يفترض أنهم أغلى أصول الدولة، يوضح أننا لم نضح بالكم من أجل النوع! ووزارة الصحة أثبتت أنها غير قادرة على ضبط الرقابة والجودة في القطاع الخاص، فكيف ستضبطه في مرافقها وهي التي تراقب أداء مرافقها بنفسها ؟
يجب تفريغ الوزارة لمهامها التي أنشئت من أجلها وتترك التخطيط الاستراتيجي والرقابة على الخدمات الصحية الحكومية والخاصة لكيان إشرافي جديد، هيئة الصحة السعودية Saudi Health Authority، لضمان وجود جهة فاعلة مهمتها الأساسية تطوير الرعاية الصحية والرقابة الفعالة على المستشفيات الحكومية والخاصة، فالهيئات أثبتت تفوقها على الوزارات في التخطيط والتنظيم والرقابة نظرا لقدرتها الكبرى على استقطاب الكوادر والتحرر من البيروقراطية القاتلة ومسببات الفساد. أما لو استمر الحال على ما هو عليه، فالسؤال الذي سيطرح نفسه : لمصلحة من يتم تركيز كل هذه الصلاحيات في يد وزارة الصحة ؟