استبشر الجميع خيرا عندما تأسست هيئة الاتصالات عام 2001م، خصوصا أن سوق الاتصالات في ذلك الوقت كان بحاجة لجهة تنظيمية أكثر قدرة على محاكاة القطاع الخاص والتطوير والسرعة في اتخاذ القرار، وبالتأكيد كان للهيئة دور فعال في فك احتكار قطاع الاتصالات السعودي جزئيا في العام 2004 من خلال طرح رخصة مشغل للاتصالات المتنقلة نتج عنها طفرة في الخدمات والتغطية والتكلفة للمستهلك السعودي، وفي 2008 طرحت رخصة جديدة لتشغيل خدمات الهاتف الثابت (الأرضي)، وهو الأمر الذي ينتظر المواطن بفارغ الصبر تفعيله لأنه تأخر كثيرا.
وأصبح قطاع الاتصالات السعودي هو الأكبر في منطقة الخليج بلا منازع، وهو أحد الأسواق الجاذبة للاستثمار في منطقة الشرق الأوسط باستثمارات بلغت هذا العام 37 مليار ريال، ويتوقع أن يصل الاستثمار في القطاع إلى 50 مليار في العام 2015، فيما وصلت أعداد المشتركين في خدمات الجوال والنطاق العريض إلى أرقام غير مسبوقة - تطرقت لها سابقا - وبنسب نمو عالية مقارنة بالمعدلات العالمية.
لكن الهيئة - مثلها مثل أي جهة أخرى - تصدر عنها أحيانا قرارات أو تنظيمات قد لا يتفق معها المواطن، لأنها تصب في مصلحة غيره،كشركات الاتصالات، وليس في مصلحته، وهو الدور الذي على الهيئة أن تتعامل معه بتوازن دائم، لأنها في الأساس وجدت لخدمة مصالح الطرفين، المستثمر والمستهلك، ولعل أفضل مثال على ذلك القضية الخلافية المتجددة، الخاصة بقرار إلغاء خدمة التجوال الدولي المجاني الذي تقدمه شركات الاتصالات لعملائها في السعودية.
استغربت كثيرا كغيري من هذا القرار الصادر في 2010، ونظرا لعدم تقديم الهيئة مرئياتها حول هذا القرار - وهو الأمر الذي أراه لزاما عليها لأنه يمس جيوب المواطنين - فقد أصبحت نظرية المؤامرة الأكثر شعبية بين المواطنين،وتتلخص في أن الهيئة انحازت لجهات معينة دون غيرها، لأن تلك الجهات لم يكن لديها التوسعان الإقليمي والدولي الكافيان لتنافس بهما المشغلين الآخرين الذين يمتلكون شبكات إقليمية أكبر، فيما لجأ البعض إلى السخرية بالتلميح لأن الهيئة تحاول حماية أرباح الشركات على حساب المواطن.
ما أثار دهشة الكثيرين هو ما تناقله بعض وسائل الإعلام نقلا عن مصادر داخل الهيئة من أن السبب الرئيس وراء إلغاء عروض التجوال الدولي المجاني هو ( ترحيل الوافدين كميات كبيرة من شرائح الجوال إلى بلدانهم ) ! وبالتالي استغلال هذه العمالة للخدمة أكثر من المواطنين.
أتمنى من الله أن يكون السبب غير ذلك، لأن المنطق بعيد كل البعد عنه، فشركات الاتصالات أدرى بإدارة أموالها وربحيتها وهم بالتأكيد لا ينتظرون من الهيئة دعما بهذه الطريقة، والمواطن السعودي يسافر للعمل والسياحة أكثر من غيره في المنطقة، ناهيكم عن وجود أقارب له في كل دول الخليج، فهل نسيت الهيئة مواطن بلدها ؟
وإن كان هذا هو الحل للمشكلة، فلم لم تقم مؤسسة النقد بالاحتذاء بهذا القرار العبقري لحل مشكلة مئات المليارات التي تتسرب سنويا من اقتصادنا للخارج ؟
فقد وفرنا بهذا القرار بضع ملايين لجيوب شركات الاتصالات على حساب الموطنين، وتركنا مشكلة المليارات المتسربة للزمن! شكرًا لك يا هيئة الاتصالات.
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
كلااااام جميل