كان 2009 عاماً أقل ما يمكن وصفه بأنه كان عاماً مضطرباً مالياً، واقتصادياً، وذلك بسبب الأزمة المالية العالمية، والتي بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية، في الربع الثالث من عام 2008م، عندما أفلس بنك ليمان برذرز، وقاد ذلك إلى إنكشاف القطاع المالي ككل، على مشكلة الرهونات العقارية.
كان ذلك على المستوى العالمي، أما على المستوى السعودي، ففي البداية كان هناك اطمئنان بسبب عدم انكشاف الاقتصاد السعودي، بشقيه الحكومي، والخاص، إلى ذات الأزمة العالمية، بل جاءت الأزمة بعد إرتفاع لأسعار البترول مكن الحكومة من تكوين احتياطيات مالية جيدة. ولكن لو أخذنا نتائج الشركات المساهمة لعام 2009، كمؤشر لأداء الاقتصاد السعودي، فسنفاجأ بأداء مخالف لكل التوقعات، وأعني هنا أهم قطاعين في سوق الأسهم السعودية (البتروكيماويات، والبنوك)!!
قطاع البتروكيماويات كان متوقعاً له الركود، بسبب ارتباطه بالاقتصاد العالمي (وخصوصاً الاقتصادين الأمريكي، والصيني)، لكنه أنهى العام بنتائج أفضل من المتوقع، وحدث ذلك بسبب عاملين، أولهما بقاء أسعار البترول عالية عند مستويات (70 – 80 دولاراً) للبرميل، وهو مستوى يخدم قطاع البتروكيماويات، وثانيهما هو أن الاقتصاد الصيني قد شهد انتعاشاً أسرع، بسبب اعتماده المتزايد على الطلب الصيني المحلي، بدلاً من الاعتماد على الاقتصاد الأمريكي.
في الجانب الآخر من أداء السوق السعودية، فالقطاع البنكي قد استفاد دائماً، وأبداً من نمو الودائع، وخصوصاً غير المكلفة منها، ومن القروض، ولكن تراجع أداء القطاع لعام 2009، كان الأسوأ منذ ثلاثة عقود، وزالت عن القطاع المصرفي الهالة، بأن أداءه دائماً هو الأفضل، بل إن الأسطوانة التي كررها القطاع المصرفي حول سياساته المحافظة قد انكشفت للجميع، فهي ليست سياسة محافظة، ولكن الظروف سمحت لإدارات البنوك في الماضي، تحقيق أرباح عالية، كانت كافية لكي توزع أرباحاً جيدة على المساهمين، وفي نفس الوقت، سمحت لإدارات البنوك التغطية على سياساتها غير المحافظة، في إقراض الأقارب، والأصحاب، والأحباب، ومن ثم استخدام باقي الأرباح لعمل مخصصات للقروض، لا يعلن عنها. هذه هي الحقيقة، وقد انكشفت اليوم، لأن الأرباح لم تعد كافية لتغطية الأخطاء.
سأخلص إلى نتيجة، قد يعتبرها البعض خطيرة، ولكنها يجب أن تقال لمصلحة الوطن، وهي:أن قطاع البتروكيماويات بخير لأنه لا توجد فيه محسوبيات، أو تدخلات خارجية، والعكس صحيح بالنسبة للقطاع المصرفي، وهذا هو مصدر الخطورة، لأن قطاع البتروكيماويات محدود التأثير على الاقتصاد الوطني، في حين أن القطاع المصرفي، هو ذو التأثير الأكبر، والأشمل، والأعم، وأي هزات قد يتعرض لها، ستكون لها ارتدادات على الاقتصاد ككل.
هل لي أن أقول أكثر؟ لا، سأسكت مثل شهرزاد في قصص ألف ليلة وليلة، عندما انبلج الصباح، وسكتت عن الكلام المباح، وعلى غيري أن يدلي بدلوه!!