كتابة: أول إس هانسن بعد الاندفاع الذي شهده العام الجديد نحو إنشاء مراكز طويلة جديدة، نفد الزخم لدى أسواق السلع هذا الأسبوع، حيث أظهر مؤشر مكتب أبحاث السلع (CRB) عائدات ثابتة بعد أن حقق مكاسب تقارب 4 في المائة خلال الأسبوع الأول من التعاملات. أما عملية البيع المكثف الرئيسة فقد تصدرتها الحبوب والبذور الزيتية أعقبهما قطاع الطاقة.
علاوة "الصقيع" التي ساعدت على دفع أسعار الطاقة نحو الارتفاع في بداية هذا الشهر بدأت تتبخر في ظل انخفاض الأسعار بفعل التنبؤات بحدوث تحسن في الأحوال الجوية إلى جانب ارتفاع آخر شهدته المخزونات؛ والتحركات السوقية التي نشأت عن الصدمات الجوية المؤقتة بطبيعتها، ولكن الطفرة في الطلب ساعدت على تقليص المخزونات الآخذة في الارتفاع نوعا ما.
وقد أصدرت إدارة معلومات الطاقة هذا الأسبوع بياناتها الشهرية حول فائض السعة الإنتاجية من النفط لدى الدول أعضاء منظمة أوبك، والتي تمتلك -باستثناء نيجيريا والعراق- في الوقت الحالي سعة إنتاجية فائضة تبلغ 4.7 مليون برميل نفط يوميًا، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2002.
ورغم الانتعاش الذي رأيناه في الطلب من جانب الأسواق الناشئة، فإن التعافي الذي جاء أبطأ من المتوقع بين الاقتصادات المتقدمة لا يترك إلا مجالا ضئيلا لمزيد من الارتفاع على المدى القريب. وفي وجود السعة الإنتاجية الفائضة الحالية، أعربت أوبك عن رضاها عن المستويات السعرية الحالية إدراكا منها أن ارتفاع الأسعار ربما يضر بالتعافي البطيء المستمر حاليا. وفوق هذا كله فإننا نواجه احتمال تعرض الاقتصاد الصيني إلى حالة من التضخم (overheating)، مما حدا بالحكومة إلى اتخاذ الخطوات الأولى نحو معالجته خلال الأسبوع الماضي بكبح جماح الإقراض ورفع تكلفة الأموال على المقرضين.
وشهد يوم الخميس الماضي صدور التقرير الذي طال انتظاره من لجنة تجارة العقود الآجلة للسلع الأساسية في الولايات المتحدة الأمريكية (CFTC) حول كيفية قيام اللجنة بكبح جماح المخاطر المتزايدة المحدقة بأسواق الطاقة. وسوف تؤثر القواعد الجديدة على النفط الخام والغاز الطبيعي وزيت التدفئة والبنزين، ولكن كما تبين فإن القيود الجديدة قد لا تؤثر إلا على أصحاب أكبر عشر مراكز، ومن ثم فإننا نلمس استجابة مدروسة جيدا، حيث الأثر الكبير تشعر به صناديق التحوط وصناديق المؤشرات.
من منظور تقني، فإن عقد النفط الخام تسليم الشهر التالي قد حقق ارتفاعًا قياسيًا له في 15 شهرا عند مستوى 83.95 دولارا أمريكيًا للبرميل، ولكن عملية البيع المكثف القوية التي أعقبت ذلك تدل على أن السوق ليست جاهزة حاليًا لمحاولة بلوغ مستوى 85 دولارا أمريكيا للبرميل فأكثر. وإذا أخذنا في اعتبارنا الارتفاع بنسبة 18.5 في المائة منذ منتصف شهر ديسمبر من العام الماضي، نجد أن حدوث حركة تصحيحية قد تأخر عن موعده. ونحن نتطلع حاليا إلى مستوى 78.08 دولارا أمريكيًا للبرميل و76.27 دولارا أمريكيًا للبرميل كمستويي دعم مناسبين في سوق تبدو على نحو متزايد وكأنها تريد التداول ضمن النطاق قرب مستوى 80 دولارا أمريكيًا للبرميل إلى أن نشهد مزيدا من الانخفاض في فائض الإمدادات.
وكتب الأسبوع الماضي نهاية التهافت على الذهب الذي شهدناه في العام الماضي 2009 حيث أفادت شركة استشارية كبرى تعمل في مجال المعادن الثمينة إن الطلب الاستثماري على الذهب تضاعف ليصل إلى 1820 طنًا في العام الماضي، في حين أن مشتريات الحلي والمجوهرات قد انخفضت بنسبة 23 في المائة لتصبح 1687 طنًا. وهذه هي المرة الأولى منذ ثلاثة عقود التي يتجاوز فيها الطلب الاستثماري الطلب على الحلي والمجوهرات، مما يلقي الضوء على الدور الهائل الذي لعبه المستثمرون في دفع الذهب إلى ارتفاع قياسي في 2009.
ومن المتوقع أن يظل الطلب على الحلي والمجوهرات فوق مستوى 1000 دولار أمريكي بمقدار طفيف وفقا للمتعاملين، مما يسلط الأضواء بشدة على الحاجة إلى استمرار الطلب الاستثماري لدفع الأسعار إلى الارتفاع على مدار الشهور المقبلة. ولم ترتفع إمدادات المناجم العالمية إلا بنسبة 6 في المائة حيث بلغت 2553 طنًا، وهو مستوى قياسي خلال ست سنوات، في حين أن صافي المبيعات من البنوك المركزية قد انخفض بنسبة 90 في المائة حيث بلغ 24 طنًا، وهو أدنى مستوى لها منذ أكثر من عشرين سنة.
بصفة عامة، ارتفعت الاستثمارات الجديدة الصافية في السلع بمقدار 50 مليار دولار أمريكي، وهو رقم قياسي جديد وفقا لمؤسسة جيه. بي. مورجان (JP Morgan)، مما يبين بوضوح نظرة المستثمرين إلى هذه الفئة المتنامية من الأصول، و تنصبّ التوقعات في الوقت الحالي على استثمار مقدار مماثل في هذا القطاع في العام الجاري 2010.
وقد أخفق الذهب مثله مثل أسعار الطاقة في الحفاظ على المكاسب التي حققها مطلع الأسبوع الماضي. فمن ناحية، نجد أنه يلقى دعما بفضل استمرار اهتمام المستثمرين، ولكن المخاوف من احتمال انتعاش سعر صرف الدولار الأمريكي على خلفية المتاعب الأوربية يمكن أن تضر بسعر صرف اليورو وبالتالي قد تضر بالذهب أيضًا؛ فالمشكلات الاقتصادية التي تواجه الدول المطلة على البحر المتوسط وأيرلندا معروفة تماما، واستمرار انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي الذي استمر شهرا لم يعد ممكنا اعتباره أمرا مسلما به. نسبة الذهب إلى الفضة:
على العموم، ما زال الاتجاه الصعودي كما هو فوق مستوى 1055 دولارا أمريكيًا للأوقية، ولكن الذهب فيما يبدو في مرحلة تماسك (consolidation) في الوقت الحالي. ونحن نوصي بالبحث عن الدعم في اتجاه 1115 دولارا أمريكيا للأوقية يعقبه 1086 دولارا أمريكيا للأوقية والمقاومة عند مستوى 1146 دولارا أمريكيا للأوقية و1162 دولارا أمريكيا للأوقية. أما الفضة في هذه الأثناء فقد تمكنت من الحفاظ على المكاسب التي حققتها مؤخرا حيث أظهرت مكسبا يقارب 11 في المائة حتى الآن خلال هذا الشهر، إذْ تبين أن مستوى 18 دولارا أمريكيًا للأوقية مستوى دعم هام. أما نسبة الذهب إلى الفضة فقد انخفضت من 65 إلى 61.2 حاليا، مع وجود مجال إضافي أمام الفضة لتجاوز الذهب لتصل النسبة إلى 60. أما التحركات الرئيسة خلال الأسبوع الماضي فقد حدثت بين الحبوب ومنتجات البذور الزيتية التي تدهورت أسعارها يوم الثلاثاء الماضي بعد أن أصدرت وزارة الزراعة الأمريكية تقريرها الخاص بتقديرات العرض والطلب العالميين على المنتجات الزراعية، الذي رفعت فيه فجأة تنبؤاتها بالمحاصيل إلى ارتفاعات قياسية؛ فالتأخيرات في الزراعة في العام الماضي التي أجلت فترة النمو عوّضها اعتدالُ الصيف والطقس الجاف الدافئ في شهر سبتمبر تعويضًا مجزيًا، مما ساعد المحصول المتأخر على الوصول إلى مرحلة النضج. هذا التغير المفاجئ في التنبؤات أثار عملية بيع مكثف حادة بين كل أصناف المحاصيل، حيث بلغت الذرة حد الانخفاض المسموح به خلال اليوم واستمرت في الانخفاض في اليوم التالي. ونظرا لأن صادرات الولايات المتحدة تمثل نصف صادرات العالم من الذرة، وثلث صادرات العالم من فول الصويا، وخمس صادرات العالم من القمح، فإن الإنتاج الأمريكي له أثر كبير على الأسعار العالمية. السبب في أن المراجعة بالزيادة قد جاءت مفاجئة على هذا النحو هو الطقس السيئ الذي شهدته منطقة الغرب الأوسط خلال هذه الشهور القليلة الأخيرة. ومن المؤكد أن هذا يبرر بعض المخاوف من أن الأرقام التالية المقرر صدورها في مارس المقبل يمكن أن تتم مراجعتها بالنقص حيث إن جزءًا من محصول هذا الموسم من الذرة ما يزال لم يحصد نتيجة المناخ الرطب غير المعتاد. ونحن نتوقع بعض الارتفاع بالنسبة للذرة حاليا بعد أن تم تقليص مراكز المضاربة الطويلة، ولكننا نؤيد المتاجرة بالقيمة النسبية مقابل القمح قرب النسبة الحالية البالغة 0.72، مستهدفين مستوى 0.79. وسوف يتحصل الذرة على دعم من خلال استمرار استخدامها في إنتاج الإيثانول بينما يشهد المعروض من القمح وفرة كبيرة.
نسبة الذرة إلى القمح: