نستكمل فى هذا المقال استعراضنا للشركات المساهمة من حيث انظمتها والياتها ولعل من اهم هذه الامور هو وجود سوق مالية بالدولة التى به هذه الشركات المساهمة, فوجود سوق رأس المال بكفاءة معينة يعني إمكانية نقل ملكية الحقوق على شركة معينة (الأسهم) من مستثمر لآخر . فعدم توافر سوق رأس المال الكفء يعني أن من يكتتب في أسهم شركة معينة لن يستطيع التخلص من ملكية أسهم الشركة بسهولة الأمر الذي يدفع معظم المستثمرين إلى الإحجام عن شراء حصص ملكية في الشركات المساهمة .
أما في حالة وجود سوق رأس المال فإنه يمكن للمستثمر بأقل تكلفة ممكنة أن يتخلص مما لديه من أسهم في أي وقت . فإذا توقع المستثمر أداءاً سيئاً فإنه يمكنه بيع حقه في الشركة من خلال سوق رأس المال ليحل مالك آخر لهذا الحق . وربما يتساءل القارئ عن جدوى عملية نقل الملكية في تحقيق المراقبة على أداء المديرين .
وللإجابة على ذلك نفترض أن أداء الشركة كان سيئاً وأن هناك العديد من الشركات الأخرى التي لها أسهم تتداول في سوق رأس المال ، في ظل هذه الظروف فإن المستثمر لا يعنيه الاستثمار في شركة بعينها وإنما يبحث عن الفرص الاستثمارية التي تحقق له أفضل عائد ، وبالتالي فإن كل مساهم في الشركة التي أداؤها سيء سوف يحاول التخلص من أسهم تلك الشركة بأي ثمن للبحث عن شركات أخرى أداؤها أفضل ، الأمر الذي يجعل المعروض من أسهم الشركة يفوق المطلوب منها وبالتالي ينخفض سعر سهم هذه الشركة ويحجم المستثمرين عن الاستثمار فيها . ولما كان المديرون يعلمون هذه الحقيقة جيداً ويعلمون أيضاً أن انخفاض أسعار أسهم شركتهم قد يؤدي في النهاية إلى عزلهم من وظائفهم ، فإنهم سوف يحاولون بقدر الإمكان تحقيق نتائج أفضل لتحسين مركز سهم الشركة السوقي .
التعددية في الإدارة
لا يعهد بإدارة الشركات المساهمة إلى مدير واحد يكون له كافة الصلاحيات بمفرده ولكن الواقع يفرض التعددية في الإدارة من خلال ما يعرف بمجلس الإدارة Board of Directors . فتعدد أعضاء المجلس حتى وإن لم يكن جميعهم ممن يشغلون وظائف إدارية في الشركة ، يوفر ميزتين : الأولى : عقد جلسات دورية لمتابعة أعمال المديرين التنفيذيين ، والثانية : اختصاص المجلس بالنظر في الموضوعات المهمة واستصدار قرار بها دون أن تترك للمديرين التنفيذيين . وضمان تعدد أعضاء المجلس يحقق نوعاً من الرقابة على أداء الإدارة حيث أنه دائماً ما يكون هناك مراقبة متبادلة من كل عضو للآخر الأمر الذي يضمن عدم استئثار عضو واحد بالعمل يحقق من خلاله ما يشاء من المنافع .
الجمعية العمومية للمساهمين
حملة الأسهم (أو أصحاب الحق الباقي كما أشرنا من قبل) هم الذين لهم كل الحق في المراقبة واتخاذ القرارات ، ومع هذا فإنه لاعتبارات التكلفة الناتجة عن انتشار الملكية وتفتيتها بين عدد كبير من المساهمين وعن عدم تخصص هؤلاء المساهمين في الإدارة فإن حملة الأسهم يفوضون سلطة اتخاذ القرار لمجلس الإدارة . وفي المقابل يظل حملة الأسهم محتفظين ببعض الحقوق الأساسية التي تمكنهم من فرض المراقبة على مجلس الإدارة . من هذه الحقوق ما يلي :
1- الحق في عقد اجتماعات دورية لجماعة الملاك أو ما يعرف بالجمعية العمومية General Assembly لمناقشة تقارير الأداء عن الفترة السابقة ووضع خطط العمل لفترة القادمة .
2- الحق في الترشيح لعضوية مجلس الإدارة ، فكل فرد في جماعة الملاك له الحق أن يرشح نفسه لعضوية مجلس الإدارة .
3- الحق في انتخاب مجلس الإدارة وتجديد مدته أو عزله بالكامل أو أي عضو منه . فهذا الحق يعتبر من الحقوق التي تستخدم سلاحاً قوياً في يد جماعة الملاك (الجمعية العمومية) لتوجيه الإدارة نحو تحقيق مصالحهم .
4- الحق في الاحتفاظ بالقرارات المهمة بدلاً من التفويض بها للإدارة وهذا ما يعرف بالتدخل في عمل الإدارة .
أهمية القوائم المالية
تلعب القوائم المالية دورا مهما في آليات الرقابة على الشركات ، فهذه القوائم المالية تطلع المستثمر أولا بأول على أداء الفترة المنقضية وبناءا عليه يعيد بناء توقعاته عن مستقبل أداء الشركة ويقرر الاستمرار كمساهم في الشركة من عدمه ، كما تمكن المساهم من تقييم أداء الإدارة في نهاية السنة المالية. لتحقيق الغرض الأول تعد القوائم المالية الدورية (كل ربع سنة)، ولتحقيق الغرض الثاني تعد القوائم المالية السنوية.
مشكلة إعداد القوائم المالية أن الإدارة هي التي تقوم بإعدادها ، ومن ثم فإنه في ظل انفصال الملكية عن الإدارة ، فإن الإدارة قد تستغل هذا الحق في تغطية أي قصور أو تعرض بيانات مضللة تمكنها من تحقيق مكاسب على حساب المستثمرين. ولهذا فإن الدولة عادة ما تنظم الإفصاح المحاسبي عن طريق الإلزام باستخدام معايير محاسبية مقبولة تعدها هيئة مستقلة عن الشركات ، تلتزم الإدارة بهذه المعايير عند إعداد القوائم المالية ، هنا لابد من مراقبة إلتزام الإدارة بالمعايير المحاسبية وبالنظم والقوانين السارية فى الدولة.
المراجعة الخارجية
كما أشرنا سابقا، تعد إدارة الشركة تقارير دورية ربع سنوية وسنوية وفقاً لقواعد ومعايير إلزامية ينص عليها النظام للعرض على الجمعية العمومية للمساهمين . هذه التقارير تتضمن القوائم المالية لفترات سنوية أو دورية كل ثلاثة شهور مثلاً وفقاً للمبادئ المحاسبية المقبولة قبولاً عاماً GAAP أو وفقا للمعايير المحاسبية السائدة فى الدولة التى بها الشركة ونظراً لأن الإدارة هي التي تعد هذه القوائم فإنها قد تسيء إعداد وعرض هذه القوائم لإخفاء أمور معينة قد تكشف عن أداء الإدارة السيئ إذا ما علمها المساهمين .
ولهذا تطلب المراجعة لهذه القوائم لتوفير المصداقية فيها والتحقق من القيم الواردة بها حتى يطمئن لها المساهمون . فبدون المراجعة تكون المعلومات الواردة بالقوائم المالية مضللة أو على الأقل غير موثوق فيها . ووجود مراجعة خارجية من طرف خارجي مستقل (المراجع المستقل Independent Auditor) يساهم في عملية المراقبة حيث سيجعل الإدارة تفكر جيداً قبل أن تشوه الأرقام الواردة بالقوائم المالية . ومع هذا فإنه حتى في غياب التشريعات الملزمة فإن انفصال الملكية عن الإدارة ، ومحاولة الإدارة إقناع أصحاب رؤوس الأموال بأنهم سوف يعدون قوائم مالية موثوق فيها يجعل عملية المراجعة قائمة ولايفوتنى ان اثمن الدور الهام الذى تقوم به فى المملكة الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيينSOCPA من وضع المعايير المحاسبية واعتمادها والرقابة الحازمة على المراجعيين القانونيين من اجل حماية المساهمين والشركات المساهمة .
ارجو ان اكون قد وفقت فى عرض هذا الجزء الهام والحيوى فى الشركات المساهمة لما لها من أهمية بالغة وتمنياتى للجميع بالتوفيق والاستفادة .