الطريق إلى القمة

06/01/2010 17
زاهر الحاج

يطمح الانسان بالضرورة دوما وفي كل مكان وزمان إلى الرقي بالمستوى الاقتصادي لحياته إلى مراتب مرتفعه تحقق ما تهفو إليه نفسه بيد ان تلك الطموحات تتشكل على ايدلوجية الزمان المكان، ففي مجتمع كالمجتمع السوداني تحيط به كثير من تعقيدات السياسة المتداخلة نجد ان الفرد فيه يحتكم دوماً إلى إبداع الوسيلة التي تتشكل على اصابع الحاجة .

فقد توارد في الانباء انه قد تشكلت هجرة عكسية لمناطق كان قد هجرها اهلها لقسوة الحياة فيها وهي مناطق صحراوية تتسم بقسوة طبيعتها من جبال ورياح عاصفة وندرة في البنيات الصناعية ، هجرة عكسية لجموع غفيرة من السودانيين ، من جميع اطراف السودان الاربع ، إلى ولاية نهر النيل (شمال السودان) ، حالمة بقطعة ولو صغيرة من «الذهب» ، لم يتبادر إلى ذهن اكثر المتفأئلين ان تكون تلك المناطق بهذا الزخم والحراك الاقتصادي اذ ان تلك الوفود القادمة قد حركت اقتصاد المنطقة بشكل متسارع حتى اصبح عاجزا عن تغطية حاجات تلك الجموع ، (ذهب ) اشيع بانه قد اكتُشف بكثرة في صحراء تلك المنطقة في باطن الارض في مساحات شاسعة وعلى سطح القشرة الارضية .

قصص وروايات نُسجت حول الامر جميعها يتفق حول مبدأ الحصول على المعدن النفيس مهما تباينت الروايات ولنا في قصص بعض الشباب شيئا من الغرائبية والطرفة اذ روي ان اخوين قد وجدا كمية من المعدن وراح احدهما يصرخ ، والآخر لم يتمالك نفسه فراح يركض في المكان وشسوع الصحراء كان له ان يحتويه دون توقف ، ومن الطرائف ان هنالك احدهم قدم من اقصى شرق السودان إلى تلك المنطقة وخلال سويعات قليلة كان قد تحصل على كمية مقدرة من المعدن وحينما عرضه على التجار منح مبلغ (120000) جنيه سوداني بما يساوي  مبلغ (300000) ثلاثمائة الف ريال ، غير ان ذلك المبلغ لم يعوضه عن نعمة العقل التي فقدها من هول المفاجأة ، وهنالك الكثير من القصص والروايات .

وبمتابعة الامر اتضح ان الامر فيه شئ من الصحة ، فقد وجد (الذهب) بكميات مقدرة وعلى مساحات شاسعة ، غير ان البحث والتنقيب عن المعدن يحتاج إلى الحصول على جهاز الكشف عن الذهب (GBX) وهو جهاز يحدد نطاقا معيناً للتنقيب ويقترح عمقاً محددا للحفر ، غير ان قيمته تفوق (40000) جنية سوداني ، وتكثر تعقيدات التصديق على استخدام الجهاز ورغم ذلك لم تقف فضيلة الابداع عن اختراع وسائل تمكن اولئك الباحثون عن الوصول لمبتغاهم .

وفي جانب آخر وعلى الصعيد الرسمي فقد خلق الاكتشاف خلافات بين السلطات الولائية والاتحادية حول ملكية المنطقة وحق التصرف في تلك الثروة المفأجئة ، وذكرت تقارير في الصحف المحلية ان وزير الطاقة السوداني اتهم الولاية بالتعدي على اختصاص وزارته بمنحها تراخيص للتنقيب اليدوي عن الذهب غير ان  سلطات الولاية رأت ان الاكتشاف انعش المنطقة وساعد في تحسين الأوضاع المعيشية لسكانها .

اخيراً نحسب بان الابداع يتشكل على اصابع الحاجة وما الرواية اعلاه الا جزء صغير من ابداع اولئك الشباب لتحقيق غاية تبرر وسيلة عنتهم واجتهادهم ، ابداع وان كان في صورة جهد ومشقة غير انه ربما يحقق لهم ما عجزت عنه الدولة لتوظيف افكارهم وطاقاتهم .